يروى أن غلاما خرج من مكة المكرمة إلى بغداد طالبا للعلم , وعمره لا يزيد على اثنتي عشرة سنة , وقبل أن يفارق مكة المكرمة قال لأمه : يا أماه اوصيني .
فقالت : له أمه : يا بني عاهدني على أنك لا تكذب . وكان مع الغلام أربعمائة درهم ينفق منها في غربته فركب دابته متوجها الى بغداد . وفي الطريق خرج عليه لصـــــوص فاستوقفوه , وقالوا له : أمعك مال ياغلام ؟ فقال لهم : نعم معي أربعمائة درهم . فهزؤوا منه وقالوا له : انصرف فورا أتهزأ بنا يا غلام ؟ أمثلك يكون معه أربعمائة درهم ؟ فانصرف وبينما هو في الطريق إذا خرج عليه رئيس عصابة اللصوص نفسه واستوقفه وقال له أمعك مال ياغلام ؟ فقال له الغلام : نعم فقال له : وكم معك ؟ فقال له : أربعمائة درهم . فأخذها قاطع الطريق وبعد ذلك سأل الغلام لماذا صدقتني عندما سألتك ولم تكذب علي وأنت تعلم أن المال إلى الضياع ؟ فقال له الغلام : صدقتك لأنني عاهدت أمي على ألا أكذب على حد .
وإذا بقاطع الطريق يخشع قلبه لله رب العالمين , وقال للغلام : عجبت لك يا غلام تخاف أن تخون عهد أمك أنا لا اخاف أن أخون عهد الله عز وجل , ياغلام خذ مالك وانصرف آمنا أنا أعاهد الله أنني قد تبت إليه على يديك توبة لا أعصيه بعدها أبدا . وفي المساء جاء التابعون له من ال****يين , وكل واحد منهم يحمل ما سرقه ليسلموه إياها , فوجدوه يبكي بكاء الندم فقال لهم : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .
فقالوا له : يا سيدنا إذا كنت قد تبت وأنت زعيمنا فنحن أولى بالتوبة منك إلى الله وتابوا جميعا .