في تقديري الشخصي أن الذين لا يجيدون فن الكتابة الصحفية الموضوعية ولا النقد البناء، ويميلون إلى تحويل المقال الصحفي إلى تهريج ومسخرة، وربما يحتاجون إلى استخدام لغة وأدوات رخيصة وكلمات جارحة وهجوم مباشر على الذات وليس نقد وتقديم الأعمال، هؤلاء وأمثالهم هم الذين تنخلع أفئدتهم وتحول عيونهم وترتجف أيديهم وأقلامهم إذا ما قيل لهم إن هناك حسابا سيوقع ضد من يستخدم قلمه للنيل من الآخرين، مستخدما السخرية والتهريج والتجريح والتشهير، محكما في ذلك أهواءه الشخصية، مصفيا لحساباته مع خصومه تحت شعار النقد والإصلاح، مستغلا ما منح له من مساحة مقبولة من الحرية الصحفية في الطرح والنقد، أما الذين يجيدون الكتابة الملتزمة بقواعد الأخلاق والنقد الهادف البناء فإن كتاباتهم غالبا ما تتسم بالجدية والموضوعية ونقد العمل والإشارة إلى مواطن الخلل واقتراح وسائل العلاج، دون تهريج أو مسخرة أو محاولة لإضحاك القراء على المستهدف بالنقد من أشخاص أو إدارات؛ لأن الهدف الأساسي من عملية النقد الصحفي ليس إبراز العضلات والمواهب والقدرات الخاصة في مجالات التهريج والسخرية، وإنما الهدف معالجة ما قد يكون في الإجراءات من أخطاء وفي التعامل الإداري من بيروقراطية وفي الإمكانيات من نقص وعجز بهدف تلافي جميع ما يعيق تطوير العمل الإداري والخدماتي، ولذلك فإن صاحب القلم الجاد النزيه لن يجفل من أي نظام يحدد ما له من حقوق وما عليه من واجبات!
وقد أمرنا الله عز وجل في محكم كتابه بالتبين والتأكد من أي معلومة تصل إلينا حتى لا نصيب قوما بجهالة عن طريق استخدام تلك المعلومة غير المؤكدة ثم نشعر بالندم، حيث لا ينفع الندم وأن نقول للناس حسنا وأن نتقي الله ونقول قولا سديدا وألا يدفعنا بغضنا لقوم إلى عدم العدل في تعاملنا معهم، فإن جاء نظام يراد منه كبح جماح المتجاوزين للأخلاق والنظام والمتعدين لحدودهم وحفظ حقوق جميع أطراف الكتابة والعمل الصحفي، فليس من المقبول من أي عاقل رشيد منصف محب للحق والعدل أن يقف من النظام موقف العداء والصدام؛ لأنه تخيل أنه سوف يكون أحد ضحاياه المحتملين فينطبق عليه قول الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم!
وهكذا تفعل الأوهام في عقول وأفئدة بعض الناس!