يقول العارف بالله ابن عطاء السكندري رضي الله عنه : تشوفك الى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك الى ما حجب عنك من الغيوب
يقول شارح الحكم العطائية الشيخ أحمد بن عجيبة رضي الله عنه
التشوف الى الشئ : الإهتمام به والتطلع اليه ، تشوفك أيها الإنسان الى ما بطن فيك من العيوب , كالحسد والكبر وحب الجاه والرياسة وهم الرزق وخوف الفقر وطلب الخصوصية , وغير ذلك من العيوب , والبحث عنها , والسعي في التخلص منها أفضل من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب كالأطلاع على أسرار العباد , وما يأتي به القدر من الوقائع المستقبلية , وكالإطلاع على أسرار غوامض التوحيد قبل الأهلية له .لأن تشوفك إلى ما بطن من العيوب سبب في حياة قلبك , وحياة قلبك سبب في الحياة الدائمة والنعيم المقيم .والإطلاع على الغيوب إنما هو في فضول , وقد يكون سببا في هلاك النفس , كاتصافها بالكبر ورؤية المزية على الناس , - فمن اطلع على أسرار العباد ولم يتخلق بالرحمة الإلهية كان إطلاعه فتنه عليه وسببا يجر الوبال عليه
واعلم أخي المربي أن العيوب ثلاثة : عيوب النفس – وعيوب القلب – وعيوب الروح
فعيوب النفس : تعلقها بالشهوات الجسمانية , كطيب المآكل والمشارب والملابس والمراكب والمساكن والمناكح , وشبه ذلك
وعيوب القلب : تعلقه بالشهوات القلبية , كحب الجاه والرياسة والعز والكبر والحسد والحقد , وحب المنزلة والخصوصية , وشبه ذلك من أوصاف البشرية
وعيوب الروح : تعلقها بالخظوظ الباطنية , كطلب الكرامات والمقامات والقصور والحور , وغير ذلك من الحروف ,فتشوف المريد الى شئ من ذلك كله قادح في عبوديته , مانع له من القيام بحقوق ربوبيته , فاشتغاله بالبحث عن عيوبه النفسانية والقلبية والروحانية , وسعيه في التطهير من جميع ذلك أولى من تشوفه الى ماحجب عنه من علم الغيوب وبالله التوفيق .
سلمت سلطان الزمان على موضوعك المميز
ويعطيك العافية.