مقالة وصلتني...واحببت ان اشارككم فيها..لانه تحكي عن واقع االحال
عن حربنا المعلنه على اللغة العربيه رغم تظاهرنا بمساندتها معنوياً
فاصبحت كقضية فلسطين ونحن كالجامعه العربيه
رغم ان المذكور في القصه يعيش بالغرب وهي لغتهم الام هناك..فمابالكم بلغتنا الام في ارضها اصبحت ثانويه ومهمشه
اترككم مع المقال واسفه على الاطالة8-| :
بقلم : فؤاد وجاني
دخلت إحدى الدكاكين العربية المعروفة وسط ولاية كولورادو ، قد نلقبها بالعربية لأن أغلب روادها من العرب المغتربين رغم أن صاحبها قد يكون فارسيا. قد تقودك قدماك أحيانا الى هذا المحل لتنعم برؤية أحد الوجوه العربية النضرة أو إحدى الملامح الشرقية العطرة ، علك تحظى بلقيا صديق قديم أو خليل حديث قد يحدثك بلغتك ولهجتك ، وقد يؤدي الأمر الى جلسة كلامية ممزوجة بنكهة القهوة العربية في مقهى أمريكي، أو حديث طويل محفوف بمالذ وطاب من الحلويات العربية الشهية في بيت عربي بنكهة الشاي الأخضر المنعنع ، فتحتضنك الذكريات احتضان الوطن الأم . أما إذا تعس حظك وندب جدك، فإنك تخرج من هنالك بكيس مليء بما يغذي بطنتك ويذهب فطنتك. فترجع أدراجك مهزوما وفي جعبتك أنواع من المأكولات لاتشوبها جلسة حميمية ، ولايتبعها حديث شجي ، مصيرها المجاري ، وآخرتها الوديان في نهاية المطاف .
لم يكن الأمر كما قد تخيلت لكنني عذرت . فلاوقت لأحد اليوم لمجاذبة أطراف الحديث ، وإغناء الوقت بالجدال في الدين والثقافة والسياسة وأمور البلاد والعباد وسماع الشعر والنثر والطرائف والغرائب . فكل يغني على ليلاه ، ويشدو على دنياه .
الحاصل أني نظرت يمنة ويسرة فلم أجد وجها أعرفه ولامحيا أذكره. فعلمت أن ذلك اليوم مشؤووم ، والكلام فيه معدوم ، وفمي فيه محروم من الشاي الأخضر والأحمر والأصفر والأسود.
ماإن دخلت وسط المحل حتى سمعت والدا يصيح بعنف في وجه ولده الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره ، صارخا بصو ت شرير، يكاد يشبه نهيق الحمير ، أخافني وطير الهدوء من صدري قبل أن يخيف المسكين الصغير : "لاتتلفظ بالعربية ياابن ال*** ألم أنصحك دائما بالتحدث بالإنجليزية ؟؟". انحبست أنفاسي في صدري ، واكفهرت الدنيا في وجهي، ولم أعد أفكر في الشاي والقهوة. وكيف لي أن أتمنى لقاء خير جليس وقد تمثل أمامي أخنس إبليس . رجل عربي في مقتبل عمره ، شكله يدعي الإنتماء للعروبة والإسلام ، ينهر ابنه باللغة الإنجليزية أمام من هب ودب من الملإ وكأنه اقترف جريمة شنعاء ، وارتكب كبيرة نكراء . وقفت مذهولا أمام هول الخطب وعظم المصيبة. تمالكت أعصابي وتابعت الموقف الطارئ ، وراقبت الحدث المارق .
مشهد ترهيبي عظيم يقوده رجل عربي المنبت لايملك من العروبة حتى اللسان ، خاس العهد، ونقض العقد ، ينعت نفسه بال*** وابنه بابن ال***، ليس لشيء إنما لنطقه بالعربية. فكرت أن أعرض عن الجاهل السفيه ، فكل ماقاله فهو فيه، والجاهل يفعل بنفسه مالايفعله عدو بعدوه، لكنني لم احتمل أمام شدة المصيبة صبرا ، ولم أطق عليها وترا، بل نذرت لله نذرا أن أثأر للغة العربية ثأرا. فنطق لساني قبل عقلي : "الكلاب لاتنطق العربية إنما الكلاب تنبح نباحا ". عادة مايصاحب كلامي مع الناس كلمة "سيدي" إن كان رجلا ، ولفظ "سيدتي" إن كانت امرأة ، لكنني خشيت أن أجعل ممن يصغر من شأن العربية ويشبه نفسه بال*** سيدا. سمع الرجل الجملة فاصابه الذهول لوهلة ، ثم احمر وجهه واخضر واصفر واسود وكأنه لون الشاي الذي كنت أتوق اليه. سحب ابنه من يديه ، ودفع ماعليه ، ثم خرج منقلبا على عقبيه.
حملت أكياسي وعدت الى البيت دون أن أرجع بخفي حنين، فقد ثأرت لفصحتي ، وحصلت على موضوع لمقالتي ، وتعلمت درسا بالغا وبليغا على لسان رأس الجاهلين مفاده أن الكلاب وحدها لاتعلم أبناءها لغة الشعر والقرآن أجمل لغات الإنسان.