الإهداءات



المنتدى الــعـام يختص بالمواضيع العامه , كل موضوع ليس له قسم مخصص به يوضع هنا

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 27-08-2012, 08:44 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عابر طريق

البيانات
التسجيل: Aug 2012
العضوية: 4846
الدولة: Hermitage
المشاركات: 174
بمعدل : 0.04 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
عابر طريق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي أبــــــحار في المعرفة (1 )

مفهوم الوعي و اللاوعي



لئن تغايرت دلالات الوعي وتعددت فإنها ترتد إلى فاعلية خاصة بالإنسان وهي التفكير. والوعي كخاصية إنسانية هو تلك المعرفة التي تكون لكل شخص بصدد وجوده وأفعاله وأفكاره فأن يكون الشخص واعيا ويتصرف طبقا للمعرفة التي تحركه والعيش بوعي الوجود. وهذه الازدواجية هي التي تميز الإنسان " أشياء الطبيعة تكون مباشرة وبكيفية واحدة، في حين أن الإنسان ولكونه، كائنا ذا عقل له وجود مزدوج فهو يوجد على نفس شاكلة الأشياء الطبيعية، لكنه ، من جهة أخرى، يوجد من أجل ذاته، يتأمل ذاته، يتمثلها ويفكر فيها، وهو لا يكون فكرا وهو لا يكون فكرا سوى لأنه فاعلية تشكل وجود الأصل ذاته"

( هيجل الاستطيقا 1835)

إلا أن الإنسان وإن تميز بخاصية الوعي فهذا لا يعني أنه ذاتا واعية كلية وإذ يظهر في أحيان كثيرة أن الإنسان يكون محكوما من قبل فاعلية لا واعية تتمثل في دوافع غريزية من أصل جنسية أو عدوانية، وفي أفعال غير واعية ومن هنا يمكننا تحديد اللاوعي بنحو سلبي باعتباره أمرا لا واعي أي كعدم اللاوعي لكن يمكننا أيضا تحديد اللاوعي بنحو إيجابي أي باعتباره واقعا نفسيا يملك نوعا من الوظافة أو الفاعلية وسمات خاصة في هذه الحالة يحيل اللاوعي إلى اكتشاف سيجموند فرويد والذي ينتمي لحقل التحليل النفسي la psychanalyse ويمكن أن نلاحظ أن التحديد السلبي للاوعي أوسع حيث يستعلم لفظ اللاوعي في صورة صفة أو حالة.

مثلما أن اللاوعي هو موضوع لتحديد العلم السيكولوجي إن الوعي بدوره يظهر من الناحية السيكولوجية مثل النور ( فنقول أن أفكارنا هي أقل أو أكثر وضوحا بحسب درجة الوعي الذي لدينا ومثل الفعل كالتوتر والانتباه فالوعي يعتبضي في الواقع مجهود انتباه وإيضاح وهو يتطور مع الذاكرة والعودة إلى الذات.

نتيجة لتضارب وتنازع هذه الدلالات حول مفهوم الوعي، والتي تتراوح أساسا بين المرجعية الفلسفية والعلمية إذن فكيف يمكن تحديد مفهوم الوعي وإذا كان الإنسان ذاتا واعية وتخترقه في الوقت نفسه دوافع لا واعية. ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي؟ وأيهما يتحكم في الذات؟

وإذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات، ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا فيتم تزييف وتشويه الواقع والحقائق؟



I ) الوعي والإدراك:

1) المقترب العلمي للوعي تصور شونجو

هدف المحور: أن نتعرف عن مفهوم الوعي وعلاقته بالإدراك والشعور والذاكرة.

سؤاله الإشكالي: هل يمكن تحديد مفهوم الوعي؟

تحليل النص: ص 14 ل ج.ب.شونجو/1936 ....)

صاحب النص: عالم بيولوجيا فرنسي من مؤلفاته " العقل واللذة والأسس الطبيعية للأخلاق.

إشكال النص: كيف يمكن تحديد الوعي؟ وبأي معنى يعد نشاطا عصبيا فزيولوجيا؟ كيف تتأسس المقاربة العلمية للوعي؟

أطروحته:

الوعي نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، وأنه يرتد إلى الطابع المادي للصور العقلية.

حجاجة:

ينتقد الفلاسفة واللا هويتين ليعتبر أن البحث في الوعي هو من اختصاص العلم ومن تم تكون الحاجة إلى التخلص من الخطابات الأدبية.

باعتباره عالم بيولوجيا، يقدم لتحديده الوعي من حيث هو نشاط عصبي عقلي مشروط بالبنية الفزيولوجية ( الاستثناء على سلطة علمية بالنسبة لي)

يقدم استشهاد للبيولوجي الفرنسي جاك مونو (10-1976 ) ليبين أن العقل البشري هو نشاط تمثلي لموضوعات خارجية.

ليستند على وقائع علمية نفسية وفيزيائية لتؤكد على الطابع المادي الفيزيولوجي للصور العقلية ومن ثم الوعي باعتباره نشاطا مشروطا للعمل الدينامي لخلايا الدماغ والسيالات العصبية.

استنتاج:

يتحدد الوعي في المقاربة العلمية بكونه نشاطا عقليا يرتد إلى النشاط العصبي للخلايا الدماغية. فسواء كان هذا النشاط العقلي تفكيرا أو انفعالا أو شعورا أو وعيا بالذات فهو في آخر المطاف نشاط عصبي مشروط فيزيولوجي وهذا ما يتأكد من خلال الوظيفة التمثلية) للعقل في علاقته مع الأشياء الخارجية. كما يتأكد أيضا من خلال الطابع المادي للصور العقلية من منطلق أن هذه بمثابة نتائج أو مفعولات للعمل الدينامي المتعلق بالخلايا والسيالات العصبية.

إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا التحديد العلمي هو عدم تمييزه بين الإدراك الحسي الذي يكون مرتبطا بمقولتي المؤثر والاستجابة، بمعنى أنه يظهر في شكل ردود وأفعال أو انفعالات مباشرة وبين الوعي باعتباره نشاطا منعكسا يتمثل في تلك المعرفة التي تتحصل لدى الإنسان بصدد أفعاله وأحاسيسه مما يعني أن هذه الأفعال والأحاسيس ليست مجرد إدراكات حسية مباشرة . فكيف يتحدد إذن الوعي المنعكس؟



2) المقترب الفلسفي للوعي " تصور ديكارت"

نص 1: يقول ديكارت



بقدر ما أننا نميز بين الرؤية المباشرة والرؤية المنعكسة بأن تلك الأولي تتوقف علي الأشعة وتتوقف هذه علي الثانية بقدر ما أن الأفكار البسيطة والأولى ( الذين يشعرون بالألم لأن الريح نفخ أمعاءهم أو يشعرون باللذة لأنهم تغذو بمزاج لائق) يمكنها أن تسمى أفكارا مباشرة وغير منعكسة ، لكن عندما يشعر الرائد بشيء ما، ويدرك في الوقت نفسه بأنه لم يشعر فقط بالشيء ذاته فإنني أسمي هذا الإدراك الثاني انعكاسا. رسالة 1648 amauld (2)29 juillet 1648

نص 2:

نجد أن الفكر محمول يرتبط ب وهو الوحيد الذي لا يمكنه أن ينفصل عن أناي. أنا كائن، وأنا موجود. هذا أمر يقيني، لكن كم من الوقت؟ بقدر ما أنا أفكر.

ديكارت، تأملات ميتافيزيقية

نص 3:

أعني بالفكر كل ما يختلج فينا بحيث نكون واعين به، وحيث نكون به وعي.

مبادئ الفلسفة:

نستطيع أن نميز لدى ديكارت بين الفكر أو الوعي المباشر وبين الفكر أو الوعي المنعكس وذلك على غرار مثل تمييزنا بين الشعاع الساطع مباشرة وذلك الذي يكون منعكسا على مرآة ويرتد إلى نقطة انطلاقه.

يكون الوعي مباشر إذا كان وببساطة، وعيا بشيء ما ويكون وعيا منعكسا إذا كان يحيل في الوقت نفسه إلى أنا مفكر كالتي يتحسر لديها الوعي بذاتها. وبالفعل فالوعي المنعكس يتضمن عملية اعتراف أو تعرف ( يتعرف الوعي على ذاته أو يحصل للذات الاعتراف بذاتها من حيث هي ذات واعية أو مفكرة) ويمكن لنا القول على وجه الخصوص بأنه وعي منعكس بما أنه لا يتحدد فقط بالفعل المباشر الذي يكون للماضي في الحاضر، بل بعودة الوعي الذي يتعرف في انطباع الحاضر على ذكرى انطباع الماضي. والحال أن الوعي المباشر لا يكون واعيا سوى بموضوعه الحاضر، إنه وعي لحظي، فيما يكون الوعي المنعكس أو الوعي الذاتي هو الوحيد الذي يكون واعيا بالاستمرارية النفسية.

لقد اكتشفت الديكارتية في ( الأنا أفكر) أو الذات المفكرة المبدأ الأول للميتافيزقا باعتباره أساسا كل يقين والحال، أن العودة إلى الذات أو الانعكاس هذا الذي بواسطته أفكر أنني أفكر هو الذي يسمى وعيا. فالفكر هو الشرط الضروري والكافي لمعرفة وجود الآنة الواعية، إنه يشكل طبيعة الذات من حيث هي ذات واعية وبهذا العنى يتماهى عند ديكارت- الفكر والوعي إن لم يكن الفكر هو عين الوعي.

وبذلك فالوعي يغدو خاصة إنسانية فهو صفة تخص الذات هذه التي تثبت كينونتها بالفكر وحده وبمعزل عن الحس والخيال أو أي موجود حسي آخر. وبرغم ارتباط الفكر أو الوعي بالزمان بحيث إن الانقطاع من التفكير هو انقطاع عن الوجود فإن ذلك لا يعني ارتباطه بالتاريخ وإذا كان الوعي غير متوقع عن التاريخ فإن هذا يفضي إلى تحديد جوهري ما هوي بمفهوم الوعي،/ حيث يكون الوعي جوهرا قائما بذاته وهذا يسقط في نوع من الآنا الأحاذية solipsisme والانغلاق أو العزلة الجذرية

هذا التحديد الجوهري للوعي سيؤدي إلى ظهور انتقادات تحاول إخراجه من الانعلاق وفتحه على العالم من أمر هذه الانتقادات ما ننفيه لدى هوسرل الذي يسعتبر كل " أنا أفكر" وكل حالة من حالات الوعي إنما تقصد شيئا ما، ويتضمن الوعي للقصدية باعتبارها علاقة فاعلة للفكر مع أي موضوع كان، فإن السمة العامة التي تصبح للوعي هو أن كل وعي إنما هو عي بشيء ما وأنه ذو طابع مزدوج نثبت من خلاله الذات والعالم، والأمر الذي سيخلصه من انغلاقه وعقمه يفتحه على الموجودات والتاريخ وبما في ذلك الجسد وما يخترقه من اندفاعات ورغبات قد تكون لا واعية

II ) في علاقة الوعي واللاوعي:

هدف المحور: أن نتعرف من طبيعة العلاقة بين الوعي واللاوعي ومفعول كل منهما ومن تم أيهما يتحكم في الذات.

السؤال الإشكالي: ما العلاقة بين الوعي واللاوعي وأيهما يتحكم في الذات؟

1) المنظور العلمي السيكولوجي:

تحليل النص: ص 18 لسيجموند فرويد (frend) (1939-1856)

صاحب النص: طبيب نفساني من مؤلفاته مدخل إلى التحليل النفسي.

إشكاله: ما علاقة الوعي باللاوعي ؟ وكيف نفسر تحكم الله وعي باللاوعي في الحياة النفسية للذات؟

أطروحته: اللاشعور هو أساس الحياة النفسية وواقعها الحقيقي.

حجاجة: يحذر من المبالغة في أهمية الشعور أو الوعي، ليفترض أن اللاوعي هو الواقع النفسي الحقيقي وأن الوعي مجرد جزء منه.

إبرازه لمفعول اللاشعور الذي ينكشف بمقنع في الحلم، هذا الذي يعد انعكاسا رمزيا للتخيلات اللاشعورية المرتبطة بالاندفعاعات الجنسية.

- كشفه للوجه المضلل للنشاط الشعوري الذي من شأنه يحجب كل نشاط سواه وبالأخص النشاط اللاشعوري.

استنتاج:

انطلاقا من نظريته في التحليل النفسي يرى فرويد أن اللاشعور هو الأساس الحقيقي للحياة النفسية ومن تم فهو يدعو إلى عدم المبالغة في تقدير أهمية الشعور الذي لن يعدو عن كونه جزءا ضيقا من اللاشعور . وحتى يؤكد فرويد الوجود النفسي اللاشعوري، فهو يعتبر الحلم علامة على تلك الاندفاعات الغريزية ذات الطابع الجنسي وعلى كل الأفكار أو الأشياء التي تركبتها لعدم تلاؤمها مع مبدأ الواقع، وبذلك فإن الحلم بمثابة الطريق الملكي اللاشعور والذي يسمح بتحقق رمزي تخيلي لبعض مكونات هذا الجانب النفسي اللاشعوري طالما أن الشعور لا يسمح بتحققها مباشرة.

وبتأكيد فرويد على أن المحدد: الرئيس الشخصية هو اللاشعور فإن هذا يدفعها إلى التساؤل عما تبقى للذات باعتبارها واعية ومفكرة ومديرة وحرة.

2) المنظور الفلسفي:( استتما نص ص 19 alain )

مقابل الأطروحة الفرويدية التي تؤكد على حتمية المحددات اللاشعورية وأهميتها القصوى في الحياة النفسية بلور Alain أطروحة مضادة تعتبر أن ما يعتمل ( يختلج في أنفسنا) في ذواتنا من أفكار وتصورات غنما يرتد ( يرجع) إلى الذات الفاعلة والواعية ومن تم رفض هذا الكيان السيكولوجي ( النفساني) الغريب الذي أبعد عنه النظرية الفرويدية.

هكذا يعتبر Alain أنه إذا كان افنسان غامضا وتخترقه ظواهر ملتبسة فإن هذا ما يتعين معرفته والبحث فيه بدلا من زعم افتراضات خاطئة المؤسسة على مفهوم اللاشعور . وخاصة حينما يتحول هذا اللاشعور إلى أنا آخر غريب يسكننا على نحو غريب ليتأكد لدى Alainأن الإنسان لا يفتأ يمارس ذاته الفاعلة والحرة والمريدة.

ومهما تبدت أهمية الوعي وفاعليته لا يمكن له أن يعمل على تزييف وتشويه حقيقة الواقع بدل تقديمه كما هو بمعنى آخر لا يمكن أن يصبح هذا لاوعي بفعل الإيديولوجيا والفهم وعيا زائفا ومشوها؟



III ) الوعي والإيديولوجيا والمعنى:

هدف المحور: أن نتبين علاقة الوعي بالإيديولوجيا وأهميته بالنسبة لإنتاج المعنى.

سؤاله الإشكالي: إذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا؟ وكيف يكون مؤسسا للمعنى.

إشكال النص:

ما هي الإيديولوجيا: وماوظائفها ؟ ويكف تكون وعيا زائفا يشوه الواقع؟

أطروحة نص ص 22 : الإيديولوجية عملية فكرية عامة تعمل بواسطتها التمثلات الخيالية على تزييف وتشويه الواقع.

العناصر الحجاجية: - يقدم تعريفا للإيديولوجيا باعتبارها عملية فكرية عامة تعمل من خلال تمثلات خيالية على القلب. الواقع المماثل إياها بالعلبة السوداءؤ في التصوير الفوتوغرافي على غرار استعارة ماركس.

- إبرازه للإيديولوجيا كظاهرة تجويفية وتزيينية، بل أنهما تقوم أكثر من ذلك بوظيفة تبريرية مرتبطة بالسلطة والسيطرة.

- تبيانه لوظيفة أخرى أهم وأعمق من الوظيفتين السابقتين وهي وظيفة الإدماج التي تعمل بواسطتها جماعة بشرية على نقل وتخليد وعناصرها الثقافية والاجتماعية إلى أفرادها قصد تشكيل الهوية الجماعية.

استنتاج:

نستفيد من هذا النص الكيفية التي تتحول بواسطتها الإيديولوجية إلى وعي زائف يقلب الواقع ويشوه الحقائق ، فسواء تعلق الأمر بوطيفة التشويه أو القلب أو وظيفة التبرير أو الإدماج فإن الوعي هنا خاضعا لمفعول الإيديولوجيا من حيث نسق من التمثلات والاعتقادات الخاصة بالمجتمع أو طبقة اجتماعية والتي لا تعكس الواقع الحقيقي.

لئن اتضح مع التحليل النفسي أن الوعي لا يصور سوى مكانة متواضعة ضمن الحالات النفسية كما من شأنه أن يتحول إلى وعي زائف يشوه الواقع ويقلب الحقائق نظرا لمفهوم الوهم والإيديولوجيا، فهل لا زال للوعي إذن أهمية ودور في الوجود البشري؟ مهما يعتور مفهوم الوعي من تشويه أو تزييف بسبب مفعولات الوهم والإيديولوجيا فإن ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إليه ذلك لأن حالة الوعي وإن كانت تعكس الوجود من خلال عبارة " أنا موجود" فإن هذه العبارة لا معنى لها من العبارة العلمية من منطلق أنها لا تفيد علاقة تابثة ومتلازمة بين شيئين أو ظاهرتين بيد أن الوعي المرتبط بهذه العبارة هو وعي قبلي صادق لكل تجربة وتكمن أهميته القصوى في أنه يؤسس لكل معنى سواء كان معنى معرفيا أو أخلاقيا أو وجوديا، وليصير من تمة شرط الوجود البشري ذاته والحامل لمعناه.



استنتاج عام:

إذا كان التحديد العلمي للوعي ينحصر في البعد الفيزيولوجي الذي يغدو معه الوعي مجرد نشاط عقلي متعلق بالوظائف العصبية للدماغ فإن البعد الإشكالي لهذا المفهوم لن يتبدى ( يظهر) سوى مع المقاربة الفلسفية حيث يصير الوعي مؤسسا للوجود البشري ذاته فهو جوهر الإنسان وقوام علاقته مع العالم. وبالرغم مما يتعلق بهذا الوعي من محدودية (finitude) تظهر تارة في إبراز الثقل السيكولوجي للا وعي، وبإبراز التحريف أو التزييف الذي يلحقه تحت مقعول الإيديولوجيا تارة أخرى فإن ذاتية الإنسان كذات فاعلة من شأنها أن تنفلت من كل احتواء وأن تتجاوز كل محدودية طالما أنه بالوعي ذاته يتحصل الوعي بشروط إمكان هذه الذات وفاعليتها.



المفاهيم:

اللاموتthéologie

من الأصل الاستقاقي الإغريقي (theas) وتعني إلاه وlogos وتعني خطاب ومن الناحية الميتافيزيقية فالتيولوجيا تعني الخطاب الذي يعالج وجود وصيفات الله بالاعتماد فقط على العقل. أما بالنسبة للأديان التوحيدية فاللاموت نسق من المعتقدات الإيمانية المنزلة عبر الوحي.

الأنا الأحاذية: هي موقف أو مذهب من ينفصل عن العالم ويرد كل حقيقة أو واقع إلى الأنا الفردية

الطوطم: هو تقدسي لحيوان باعتبارجد لقبيلة ما.

الإيديولوجيا: هي مجموعة أو نسق من الاعتقادات أو التمثلات ( صور وأساطير وأفكار وتصورات) الخاصة بمجتمع أو طبقة اجتماعية معينة. والإيديولوجيا في الماركسية هي مجموعة التمثلات الجماعية. ( الأخلاقية والفلسفية والدينية...) التي يترجم بواسطتها الناس من شروطهم الواقعية للوجود.

أكسيولوجي: علم القيم

أنظولوجي: علم الوجود

أبسيتمولوجي: دراسة نفدية للمعرفة العلمية.












عرض البوم صور عابر طريق   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2012, 08:54 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عابر طريق

البيانات
التسجيل: Aug 2012
العضوية: 4846
الدولة: Hermitage
المشاركات: 174
بمعدل : 0.04 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
عابر طريق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عابر طريق المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي



[] قيمة العقل []

"العقلُ لا يقفُ إلا عِندَ المستحيل ،
و المستحيلُ متفاوتٌ "
عبد الله



عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


ليس الإنسان كأيٍ من المخلوقات يهيمُ في الأرض كما تهيم ، لكنه مميز عنها بأن منحه الله العقل الذي يفرق فيه بين الصواب و الخطأ و بين النافع و الضار و يعرف به ما يريده و ما لا يريده .
هذا العقل متى ما استغله الإنسان استغلالا حسناً جيداً آتى ثماره المنتظرة منه ، و عندما يُهملْه فلا يكون لإنسان أيةُ ميزة به .
هناك أربعة أشياء أساسية تعين على استغلال العقل الاستغلال الجيد ، و ربما يكون تحت مظلة كل منها فروع و تفاصيل .
الأول : القيمة .
العقل الإنساني له قيمة كبيرة في التمييز بين الأشياء ، و له قيمته في كونه جوهر منزلة الإنسان بين المخلوقات ، و لعله يكون هو الإنسان لا ذاك الجسد اللحمي ، ففي الحيـوانـات من هو شبيه بالإنسان لكنه دون عقل ، فالعقل هو القيمة الحقيقية للإنسان .
إذا عرف الإنسان قيمة العقل بقوة و وضوح ، و كان واثقاً منه تفتح له تلك المعرفة آفاقاً من :
الثاني : قدرات العقل .
ليس للعقل حد ينتهي إليه ، بالنسبة للجنس البشري ، فقدرات الذكاء و الإبداع تفوق الحدَّ و الوصف في التركيبة العقلية . و لا يعرف قدرات العقل إلا من آمن بأن لعقله قيمة و مكانة ، و تغيب تلك القدرات حين يستهين الإنسان بقدرات عقله فيكون مهمَلاً لا قيمة له أصلا ، لأن قيمة العقل بإظهار قُدراته .
و عندما نعرف قُدرات العقل و إمكاناته يقودنا ذلك إلى :
الثالث : وظيفة العقل .
وظيفة العقل في الإبداع و الاختراع ، يستطيع العقل ذلك متى ما حرّكه الإنسان و أحسن تحريكه ، و سار به على قوانين الإبداع .
العالم يحتاج إلى أشياء كثيرة العقل كفيل بأن يخترعها لما فيه من القوة الخارقة ، و نتساءل أين من يوظف العقل في الإبداع و الاختراع ؟!
إذا أتقن الإنسان وظيفةَ العقل ، و بلغها بجدارة ، فإنه من الواجبِ أن يقوم بـ :
الرابع : توظيف الوظيفة .
في كل ما فيه منفعة للبشر عامة و لصاحبه خاصة ، هنا تكمن قيمته ، و يُستفاد من قدراته ، لأنه ما خُلق إلا ليكون نافعاً ، و لا منفعة إلا بحُسن توظيفه في المنافع العامة التي تشمل جوانب الحياة .
من يستخدم وظائف الإبداع العقلية في إفساد الحياة لم يوظف الوظيفة العقلية توظيفاً صحيحا ، بل ليته لم يعرف شيئاً .

الخلاصة من هذا كله هي :
المنظومة الرائعة للعقل هي أن نعرف قيمته لندرك قُدراته حتى نظهر وظيفته فنوظف الوظائف في الجمال الحياتي .












عرض البوم صور عابر طريق   رد مع اقتباس
قديم 27-08-2012, 10:31 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عابر طريق

البيانات
التسجيل: Aug 2012
العضوية: 4846
الدولة: Hermitage
المشاركات: 174
بمعدل : 0.04 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
عابر طريق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عابر طريق المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

العقـل1.



مدخل (من الدلالات إلى الإشكالية) من أعقد الإشكاليات التي تعالجها الفلسفة باعتبارها نتاجا عقليا تحديد مفهوم العقل. وسنحاول ضمن هذا المدخل أن نقوم بمقاربة أولية للسؤال ما هو العقل ؟ من خلال مختلف الدلالات. يتأرجح مفهوم العقل في دلالته المتداولة بين عدة معان، بعضها يفيد التفكير السليم والحكم الصائب، وأساس الاختلاف بين الإنسان والحيوان؛ كما يحمل العقل معنى معياريا أخلاقيا، يفيد التعقل والابتعاد عن الشهوات البهيمية. لذا يصعب الارتكاز على التمثل الشائع لأن دلالاته يغلب عليها التعميم والتداخل بين مجالات متعددة : أنطولوجية وإبستيمية وقيمية أخلاقية. ومن ثمة سنحاول الوقوف عند التمثل اللغوي لعله يساهم في حل الإشكال. إن العقل في الاصطلاح العربي مشتق من الفعل الثلاثي عقل، ويقال "عقل البعير" مثلا، إذا جمع قوائمها. هكذا سمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك. ومن هذا يتضح أن العقل في التمثل المعجمي العربي يحمل معنى معياريا أخلاقيا باعتباره وازعا أخلاقيا. أما في التمثل المعجمي الغربي فإننا نجد مرادفات عدة لكلمة عقل وتكاد كلها تعطي لمفهوم العقل بعدا إبستيميا محضا فالكلمة اليونانية لوغوس Logos تحمل من بين معانيها العلاقة الرياضية، والدراسة .. والكلمة اللاتينية Ratio تعني التفكير والحساب .. وكلمة Raison بالفرنسية تعني النسبة الرياضية بين عددين وتعني ملكة التفكير .. إن التمثل الفلسفي لا يبتعد كثيرا عن التمثل المعجمي لمفهوم العقل. ففلاسفة الإسلام مثلا يميزون بين العقل الموهوب والعقل المكسوب؛ أو بتعبير آخر، بين العقل بالقوة والعقل بالفعل. فالأول يفيد الاستعداد الفطري لتحصيل المعرفة والثاني يفيد المعرفة المكتسبة.. وفي الفلسفة الحديثة نجد لالاند Lalande يميز بين معنيين للعقل : العقل المكون (بكسر الواو) والعقل المكون (بفتح الواو). أما الأول فالمقصود به الفكر الذاتي أو النشاط الذهني الذي يقوم به كل مفكر ؛ وأما الثاني فهو مجموع المعارف السائدة في عصر من العصور. إن الدلالات المختلفة للعقل تظهره تارة في صورة أنطولوجية، وتارة في صورة إبستيمية، وتارة أخرى في صورة قيمية أخلاقية، الأمر الذي يساعدنا على صياغة الإشكالية الفلسفية لهذا الدرس، والتي تمكن ترجمتها من خلال التساؤلات التالية: · ما هي طبيعة العقل ؟ وما هي وظائفه ؟ وهي حدوده؟ · هل العقل انفتاح وحرية ؟ أم أنه انغلاق دوغمائي ؟ · ما هي الحدود الفاصلة بين العقل واللاعقل ؟ 2. طبيعة العقل ووظائفه تأسست الفلسفة اليونانية كنتاج "للوغوس"(العقل) في مقابل "الميتوس" (الأسطورة) المعتمد على الخيال. لكن ما لبث مفهوم العقل أن ظهر في الفلسفة اليونانية في صورة عقل مطلق يكتسي أبعادا أنطولوجية متجاوزا بذلك العقل الإنساني. ويظهر العقل عند هرقليطس – مثلا – في صورة العقل الكوني (اللوغوس) المسؤول عن صيرورة العالم. فالعقل الكوني محايث للعالم ومنظم له من الداخل، فهو أشبه بالنفس بالنسبة للجسد. وكان أناكساغورس من أهم القائلين بفكرة "النوس" NOUS أو "العقل الكلي" ؛ حيث رأى هذا الفيلسوف أن الكون كان – قبل بداية تشكله – عبارة عن خليط فوضوي chaos و"العقل هو الذي نظم كل شيء، وأنه العلة لجميع الأشياء". فالعقل الكلي – إذن – هو الذي أدى إلى تشكل العالم بصورته المنظمة والمسؤول عن حركته.مع العلم أن أناكساغورس يرى أن العقل الكلي مفارق للعلم غير مندمج فيه. خلافا لهذا التصور الفلسفي الذي أنتجه الفكر اليوناني سيتمظهر العقل في الفلسفة الحديثة في صورته الإنسانية باعتباره أداة للمعرفة. حيث كان ديكارت (الأب الروحي للفلسفة الحديثة) رائد الاتجاه العقلاني يعتبر العقل فطرة في الإنسان، وأعدل قسمة بين الناس، وأهم ما يفصل الإنسان عن الحيوان لأنه جوهر الفكر ومبدأه. بالعقل وحده يستطيع الإنسان أن يبني معرفة مطلقة حول النفس والطبيعة والله دون أي حاجة إلى الاعتماد على الحواس، لأن العقل نور فطري يحتوي بطبيعته على أفكار فطرية تعتبر بدورها أوليات بديهية للمعرفة اللاحقة. فالمعرفة التي تبنى على أوليات عقلية يقينية لابد أن تكون بدورها يقينية. أما المعرفة المستمدة من الحواس فإنها تحتمل الشك لأن الحواس تخدع. لقد أدى الطرح الديكارتي حول مفهوم العقل إلى مناقشة فلسفية حادة ولقي معارضة شديدة، خاصة من لدن خصوم الاتجاه العقلاني. فقد اعتبر دعاة المذهب التجريبي العقل صفحة بيضاء خالية من أفكار فطرية. يقول جون لوك : "لو كان الناس يولدون وفي عقولهم أفكار فطرية لتساووا في المعرفة". فالتجربة الحسية – إذن – هي أساس المعرفة وليس العقل. يقول لوك : "لو سألت الإنسان متى بدأ يعرف لأجابك متى بدأ يحس". ومن ثمة ستكون محتويات العقل غير متناسبة بين الناس، حيث ستختلف درجة عقلانيتهم، ومعرفتهم، بحسب اختلاف تجاربهم الحسية. ومن هنا يظهر الدور الثانوي الذي يلعبه العقل – في منظور المذهب التجريبي – لأنه مجرد مستودع سلبي للمعرفة. إن الصراع الفلسفي بين الاتجاهين العقلاني والتجريبي هو الذي دفع بكانط إلى نهج موقف فلسفي توفيقي نقدي، يوفق فيه بين المذهبين وينتقد فيه دور الحواس والعقل ويبين حدودها وحدود العقل الإبستيمية. حيث يرى كانط أن العقل ملكة في المعرفة تتكون من ثلاث قدرات هي : الحساسية، الفهم، العقل الخالص. فالحساسية هي المسؤولة عن تنظيم الانطباعات الحسية المتفرقة التي تقدمها التجربة الحسية على شكل مدركات حسية. وتؤدي الحساسية وظيفتها بواسطة مقولتين (أو صورتين) قبليتين هما مقولتا الزمان والمكان. والفهم هو الذي يحول المدركات (أو الحدوس) الحسية إلى معرفة وذلك بواسطة مقولات قبلية تنصب فيها معطيات التجربة الحسية فتتحول إلى معرفة. ومن أشهر تلك المقولات، مقولة السببية. انطلاقا من هذا التصور يتضح أن المعرفة-في اعتقاد كانط- عملية معقدة يساهم فيها كل من العقل والحواس. يقول كانط : "الحدوس الحسية بدون مفاهيم تظل عمياء، والمفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء." هكذا يبدو العقل، عند كانط، في شكل بناء من المقولات أو الصور القبلية التي ستكون عديمة الفائدة لولا معطيات التجربة الحسية. فالعقل هو الذي يضفي المعقولية على العالم وينظمه ويحوله إلى معرفة. لكن لا يجب أن نفهم من ذلك أن للعقل قدرة مطلقة في المعرفة، لأن كانط يميز في الأشياء بين الظاهر phénomène والنومين Noumène أو "الشيء في ذاته". إننا لا نعرف من الأشياء إلا الظواهر أما "النومينات" فذلك ما نجهله. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأشياء المادية فكيف الحال بالنسبة للأمور الميتافزيقيةْ ؟!! مبدئيا يعتبر كانط الإنسان "حيوانا ميتافزيقيا"، لأن العقل الخالص يحتوي قبليا على مبادئ ثلاثة هي طبيعة الله، خلود النفس، بداية العالم في الزمان، ومن ثمة لا نستطيع أن نمنع الإنسان من التفكير في هذه الأمور، علما أن كل ما يقع فيه العقل حين يساجل في الماورائيات هي أغاليط ونقائض. فالمجالان اللذان يستطيع العقل أن يصل فيهما إلى نتائج هما مجالا العلم والأخلاق. ويعتقد كانط أن العلم لم يتقدم إلا حينما ابتعد عن الميتافزيقا. 3. العقل المنغلق والعقل المنفتح إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : هل يمكن اعتبار العقل انغلاقا دوغمائيا أم انفتاحا إبستيميا ؟ لقد ارتبطت الفلسفة الحديثة بنزعات حاولت التقليل من دوغمائية العقل، لكن سرعان ما تبث أن الاختلاف الظاهري بين كثير من الفلاسفة هو في واقع الأمر اتفاق، لأنهم يمكن أن يصنفوا في خانة انغلاق العقل خصوصا منهم من يعترفون بوجود مبادئ، أو أفكار، أو مقولات قبلية في العقل. هكذا يمكن إلغاء التباعد الفلسفي بين فلاسفة كأرسطو وديكارت وكانط لكونهم يعتقدون أن العقل يفكر وفق مبادئ ضرورية لكل تفكير سليم. وتلك المبادئ هي : مبدأ الهوية، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث المرفوع، مبدأ السببية. فمبدأ الهوية (أو الذاتية) يفيد أن الشيء لا يمثل إلا ذاته، وإذا أردنا أن نتعامل مع موضوع ما فلنتعامل معه بالذات وليس مثيلا له، لأن كل موضوع لا يطابق إلا نفسه. ويرمز إلى هذا المبدأ هكذا : ا هي ا. أما مبدأ عدم التناقض فيفيد أن الشيء الواحد لا تجتمع فيه صفتان متناقضتان في آن واحد فالعدد سبعة – مثلا – إما أن يكون عددا فرديا أو عددا زوجيا. ويرمز إلى هذا المبدأ هكذا : ا ليست هي لا ا ، ويمكن أن نرمز إليه، كذلك، بالطريقة التالية : لا يمكن ل ا أن تكون ب ولا ب في ذات الوقت.ومبدأ الثالث المرفوع ويسمى كذلك بمبدأ الوسط الممتنع لأنه يرفض وجود قيمة وسطى بين قيمتي الصدق والكذب،وهو مبدأ مرتبط بمبدأ عدم التناقض. فالقضية : "العدد سبعة عدد فردي " إما أن تكون صادقة وفي هذه الحالة يكون ضدها كاذبا. والعكس بالعكس؛ إلا أنها لا يمكن أن تحتمل قيمة تقع بين الصدق والكذب. بعد الانتقادات التي تعرض لها مبدأ السببية الأرسطي الذي ينوع السببية إلى أربعة أنواع من الأسباب (سبب مادي، وثان فاعل، وثالث صوري، ورابع غائي) ؛ سيقول الفيلسوف ليبنتز Leibniz بمبدأ السبب الكافي الذي يفيد أنه لا يمكن لحادثة أن تقع أو لحكم أن يكون صادقا دون سبب كاف. ظل العقل البشري يشتغل وفق هذه المبادئ، وبصورة دوغمائية يقصي حركية الأشياء وتناقضاتها وتحولاتها الممكنة إلى أن ظهر هيغل Hegel ليقوم بثورة فلسفية منطلقا من مبدأ أساسي هو : "الواقعي عقلي، والعقلي واقعي". ويفيد ذلك أن نفس القوانين الجدلية تحكم الواقع والفكر معا، وأن الكل يعرف الصيرورة. فمفهوم الصيرورة ثورة ضد الثبات الذي تؤمن به العقلية المنغلقة، كما أن انفتاح العقل سيظهر عند هيغل في إقراره بإيجابية التناقض لأن صراع المتناقضات هو أساس التغير. فكل شيء في نظر هيغل يحتوي على الوجود والعدم، والصراع بينهما هو الدافع إلى التحول. وسيزداد انفتاح العقل مع التحولات التي عرفها العلم ابتداء من القرن التاسع عشر (19) : فمع بروز الرياضيات المعاصرة ثم القضاء على مفهوم البداهة كما تصورتها العقلية الكلاسيكية (ديكارت مثلا)، ومع نظرية النسبية ثبت بأن الزمان والمكان ليسا مطلقين لأنهما يتغيران بتغير المنظومات المرجعية. كما ستأتي الفيزياء الذرية لتفسح المجال للاحتمال بعد أن كانت العقلية الكلاسيكية لا تؤمن إلا بمبدأ الحتمية. إن هذه التحولات العلمية – إذن – ستعمل على تصدع العقلية الكلاسيكية، وستعمل بالتالي عل خلخلة اليقين العقلي في صورته الدوغمائية، وستعمل أخيرا على خلق عقلية مرنة ومنفتحة على تمثلات كانت تبدو في القديم مستحيلة ومستبعدة من إطار العقل. إن هذا التقابل بين العقل المنغلق والعقل المنفتح، هو الذي فسح أمام كثير من الفلاسفة سؤالا آخر هو : هل هناك تقابل بين العقل واللاعقل؟4. العقل واللاعقل إذا كان الإنسان يعرف في الغالب بأنه "حيوان عاقل"، إلا أن بعض سلوكاته وانفعالاته لا توحي بالضرورة أن العقل يمتاز عنده بصفة الإطلاقية ؛ فقد يطغى طابعه الوجداني في بعض الحالات على طبعه العقلي. ولعل هذا ما قد يفسر الصراع الفكري الذي عرفته الفلسفة حول طبيعة الإنسان. فقد حاول ديكارت منذ القرن السابع عشر (17) أن يبرز أن الخصوصية المميزة الإنسان هي العقل. ومع الانتصارات التي حققها العقل في المجال العلمي سيرفع فلاسفة الأنوار شعار العقل وسيعملون جاهدين على تعميمه في السياسة والأخلاق والحياة الاجتماعية، ومن ثمة سينادي هذا الصنف من المفكرين بضرورة خضوع الحياة الوجدانية للإنسان إلى العقل. وفي مقابل ذلك، سيظهر تيار فكري ينادي باللاعقل باعتبار الإنسان كائنا عاطفيا ووجدانيا بالدرجة الأولى كالسوريالية Surréalisme والرومانسية والوجودية فيقول كيركجارد Kierkegaard مثلا (معارضا ديكارت) "أنا أفكر إذن أنا غير موجود". ويفيد ذلك أن الحياة ممارسة فردية وجدانية وليست عقلية، فكلما زاد تفكير الإنسان كلما ابتعد عن كينونته. إن هذا الصراع الفكري هو الذي أدى إلى بروز تيار فلسفي معاصر يدعو إلى التمسك بالعقلانية مع الانفتاح على أمور تتجاوز العقل ؛ ويعد إدغار موران E. Morin من أكبر دعاة الانفتاح على اللاعقل وبالتالي ظهور ما يسميه بالعقل المعقد (أو المركب) يقول إدغار موران : " إن (…) الانتقادات الموجهة إلى العقلانية لازالت قائمة. لكن نقدا جديدا، داخليا، ينبثق من قلب العقلنة ذاتها، حسب هذا النقد المعاصر يدان العقل فقط لا من حيث كونه مفرطا في العقلانية، بل يدان كذلك على أنه غير معقول. إن الأزمة الحديثة للعقلنة هي الكشف عن اللاعقل ضمن العقل." فهذا هربرت ماركوز H. Marcuse، يبينن كيف يتحول العقل إلى سلطة مفرطة في القمع.حيث يرى هذا الفيلسوف أن العقل يتحول إلى لاعقل إذا أقصى كل حس نقدي. فإذا كان المجتمع يعطي الأولوية للمردودية والإنتاجية، فإن بنية الإنسان الوجدانية تصبح مهددة، حيث يتقابل العقل مع "الإيروس" l’eros ، ويصبح العقل وسيلة لتبرير الهيمنة والاستغلال ويصبح الفرد أداة مستلبة في عملية الإنتاج ؛ فيضطر الإنسان إلى أن يتحايل على العقل ليلبي رغباته الوجدانية. إلا أن الفيلسوف الألماني كانط يتبنى رأيا مخالفا، فهو يحدد الطبيعة الإنسانية في وجودها العقلي، ويعتقد أن الكسل والجبن هما اللذان يبعدان الإنسان عن طبيعته العقلية، لأنهما عاملين يدفعان بالإنسان إلى قبول الحجر والوصاية. فالعقل يرادف الحرية والمسؤولية والكرامة، وحينما يقبل الإنسان الوصاية، فإنه تنازل عن كل ذلك في سبيل اللاعقل. لكن ألا يمكن أن نقول بأن العكس يمكن أن يحدث فيتحول اللاعقل إلى العقل؟إن ذلك ما يؤكده نيتشه، لأن هذا الفيلسوف يعتقد أن المعرفة العقلية هي مجموعة من الأخطاء ثبتت منفعتها في معركة الصراع من أجل البقاء. فقد ظلت أخلاق العبيد (الضعفاء) – مثلا – مهيمنة على العقول باعتبارها أخلاقا سامية ونبيلة وهي في الواقع ليست كذلك. كما بين فرويد أن اللاشعور هو الذي يتحكم في سلوكاتنا العقلية. ومن ثمة تصبح حياتنا الشعورية (أو العقلية) مكرسة لتلبية الرغبات المكبوتة في اللاشعور. بل إن سلوكاتنا اللاعقلية كالحلم والمرض النفسي – هي في الحقيقة- سلوكات عقلية، لأننا يمكن أن نكتشف ضمنها عن سيرورات منطقية تقودنا نحو فهم أسباب السلوك النفسي. وفي نفس السياق – تقريبا – يقودنا غرانجيه Granger لأنه يعتقد أن الهوى لا يتقابل مع العقل إلا حينما يبدو كفقدان للسيطرة والتحكم في الذات. ومع ذلك فإن لاعقلانية الهوى لا تعني عدم التماسك، فالأهواء منطقية ومعقولة، لأن الذات تمارس في إطارها تفكيرا ذكيا ومتماسكا موجها لتسخير أهداف انفعالية. بهذه الصورة – إذن – تسقط الحواجز الفاصلة بين العقل واللاعقل، فالعقل قد يتحول إلى لاعقل والعكس صحيح. هكذا يمكن أن نكشف داخل الإبداعات التي تعزى غالبا إلى الخيال، والعاطفة، والوجدان، تماسكا منطقيا وتفسيرات عقلية مقبولة. فالصراع الفلسفي بين العقل واللاعقل لا يجد مبرراته إلا في الاستعمالات السيئة للعقل أو في الميل المفرط نحو اللاعقل ؛ الأمر الذي نلمسه في نزعات فكرية كالصوفية، والرومانسية، والوجودية، والسوريالية… ومن ثمة لابد من النظر إلى الإنسان على أنه وحدة متكاملة مؤلفة من العقل واللاعقل. وكتخريج عام لهذا الدرس يتبين أن مفهوم العقل عرف، في سيرورته، استعمالات مختلفة أدت إلى أن تنطلي عليه أوصاف متنوعة تختلف باختلاف الحقب التاريخية التي مورس فيها التفكير العقلي، وبالتالي الصور التي مورس بها. هكذا انتقل مفهوم العقل حسب طبيعته ووظائفه، من عقل أنطولوجي مطلق إلى عقل إنساني وقع الاختلاف حول وظيفته وحدوده الإبستيمية وبالتالي إلى عقل يؤمن بوجود مبادئ صورية فطرية يعمل وفقها، ويحاول من خلالها أن يفسر العالم. لكن ما لبث هذا التصور الدوغمائي أن أصبح متجاوزا، وتم الإقرار على انفتاح العقل، لتصبح أزمة الفلسفة الحديثة هي ضرورة الكشف عن اللاعقل ضمن العقل والعكس












عرض البوم صور عابر طريق   رد مع اقتباس
قديم 28-08-2012, 08:48 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

المشرف العام

الرتبة:

الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبـــومـــتعب

البيانات
التسجيل: Jun 2009
العضوية: 974
الدولة: دنيا الولهــ والشــوقـ.،
المشاركات: 7,553
بمعدل : 1.39 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 16

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
أبـــومـــتعب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبـــومـــتعب إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى أبـــومـــتعب إرسال رسالة عبر مراسل Skype إلى أبـــومـــتعب

كاتب الموضوع : عابر طريق المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

المعرفه بحر لامنتهى له ... تعرف وتوضيح رائع له اهدافهـ.\


والعقل . توصيف وتفهم بالفعل لايقف الا عند المستحيل.. عابر يسلموو ولك الشكر والتقدير.

ع الطرح الراقي والهادف ..

تقبل مروري












توقيع :

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور أبـــومـــتعب   رد مع اقتباس
قديم 28-08-2012, 03:45 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية سور الصين

البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 3467
المشاركات: 243
بمعدل : 0.05 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
سور الصين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عابر طريق المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

طرح رائع

لك كل الشكر

لكن آه من لكن

اندمجنا مع الرؤيه الفلسفيه
لكن لم نصل الى
آخرها حتى نسينا
اولها



لك ودي
واحترامي












توقيع :

لعمرُك ما الرزيةُ فقدُمالٍ ولاشاةٍ تموتُ ولابعيرُ
ولكن الرزيةُ فقدُ شهمٍ تموت لموتهِ خلقٌ كثيرُ

عرض البوم صور سور الصين   رد مع اقتباس
رد

مواقع النشر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وشروط المنتدى
الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حملة الملتقى لنشر المعرفة.. ومكافحة الجهل ذبحهم غـــروري منتدي الخواطر و القصص 0 16-05-2011 12:30 AM
مقال مؤثر جدا...!!! ابوالوليد المنتدى الــعـام 8 08-04-2010 12:21 PM
الى متى يضل المسلمون على هذه الحالة ( حقائق خطيرة) الغانمي المنتدى الــعـام 2 26-11-2009 12:49 PM
الـــــــــــــــــــــــــــــحـــــــــــــــكمه فتئ بيحان المنتدى الــعـام 1 07-10-2009 10:19 AM


جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 09:17 PM.


المواضيع المطروحة تعبر عن رأي كاتبها ولاتعبر بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المصعبين
Powered by vBulletin Version 3.7.4
Copyright ©2000 - 2009, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة @ موقع المصعبين