السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتهرت المدن اليمنية منذ غابر الأزمان بصناعة الحلويات، تأتي في مقدمة تلك المدن محافظة «لحج» التي تمتاز بتفردها عن غيرها من محافظات اليمن في امتلاك خصوصية التصنيع المتميز، وشهرتها الواسعة في صناعة الحلوى «اللحجية» الأصيلة. وتبقى صناعة الحلويات في اليمن مرتهنة بسر المهنة التي يحتفظ بها أبناء «القبيطة»، وبلقاء بعض أصحاب الخبرة منهم في صناعتها، نقف على أساسيات وأدواتها وكم تتطلب من عدد واسع للعمال الذين توفر لهم هذه الصناعة فرص عمل. بداية يقول وسيم رشاد الشميري- صاحب معمل لإنتاج الحلويات: «إن صناعة الحلوى تتطلب توفير المعدات المطلوبة الضرورية التي من أهمها حلة نحاسية، وهناك نوعان منها: الأول يسمى «أبوخيط» والثاني «أبوثلاثة خيوط» وهي لطبقة كاملة؛ إضافة إلى عود خشبي لتحريك الحلوى، إلى جانب مجارد نحاسية أو حديدية، وهي لقشط الحلوى داخل الحلة أثناء عملية الطبخ، ولا بد من وجود شخصين أثناء العملية، الأول يسمى «وسطي» والثاني «رداد» حيث تستغرق الطبخة ساعة ونصف، حسب درجة حرارة النار.
حلوى شهيرة
حسب آراء أصحاب الخبرة في صناعة الحلوى فإن حلوى «الصابون الأبيض» هي أشهر أنواع الحلوى اليمنية، إذ يوضح الشميري: «مايميز صناعة حلوى الصابون الأبيض أن طبختها تكون في ثلاثة علب ماء حليب فارغة، وكمية كبيرة من السكر، وخمسة كيلو جرامات نشاء، وملعقتين ليمون، وثلاثة كيلوجرامات من زيت الطبخ، وهذه المكونات تنتج ما يقارب ستة صحون حلوى. أما أشهى الحلويات المصنعة في اليمن، فيقول نبيل سعيد- تاجر حلويات: «هي حلوى «القبيطة اللحجية» التي تكتسب شهرة واسعة بفضل امتلاك أصحابها -كما يقال- سر صناعة الحلويات، ولا يمكن للزائر أو المسافر عبر لحج أن يمر دون توقف ليأخذ هديته من حلوياتها المتنوعة، خاصة أبناء تعز لايمكنهم المرور دون اصطحاب حلويات معهم كهدية لأسرهم».
أنواع جديدة
عن أنواع الحلويات الأخرى، يقول فؤاد عبد الله الشرعبي- خبير صناعة حلوى: «أدخلت أنواع جديدة من الحلويات تلقى رواجا كبيرا تحت مسميات مختلفة أهمها «الشبح، والنارجيل، واللبن، والهريس، والخلطة، والديش» وغيرها، ولهذه الحلويات متذوقوها». لكن الشرعبي يرى أن هناك فرقا بين صناعة الحلوى في السابق وصناعتها الحالية، يقول: «في السابق كانت توقد الحلويات بالحطب، ويضاف إليها السمن البلدي وتحفظ في الداخل، وتغلق في «أوراق البيذان» لتبقى لذيذة وطازجة، ومحتفظة بنكهتها الأصيلة، أما اليوم فهي تحفظ بـأكياس النايلون، الأمر الذي يفقدها نكهتها ومذاقها». إلى ذلك يقول ناجي لطف محسن- مستهلك «إن المهم في صناعة الحلويات توفير فرص عمل للعاطلين، فهي تشغل أيادي عاملة كثيرة وتحتل مكانة هامة بين الأشغال اليدوية وكل حرفة تدر دخلا يكون لها جمهورها الواسع في مجال البيع والتسويق وكذا الإنتاج».
صناعات مصاحبة
يضيف ناجي مشيراً إلى أهمية انتشار صناعة الحلويات في اليمن، ويقول: «أسهمت صناعة الحلويات في إيجاد أسواق جديدة وصناعات حرفية مصاحبة لها وعلى سبيل المثال توجد إلى جانبها صناعة المشغولات اليدوية والأواني الخزفية المستخدمة لحفظ بعض أنواع من الحلويات. كما ساعدت صناعة الحلويات في انتشار أسواق متخصصة على مدار الأسبوع ومنها في محافظة لحج حيث نجد: سوق «الحوطة» وسوق «السبت» في مديرية طور الباحة، وسوق «السلام» بمديرية يافع، وسوق «الحبيلين» في مديرية يافع أيضاً، وسوق «المضاربة» في مديرية المضاربة».
سر الشهرة
ثمة أسباب دفعت إلى ازدياد الإقبال على أصناف محددة من الحلوى، يشير إليها الخبير فؤاد عبد الله الشرعبي، ويقول: «نجد على الخط السريع الرابط بين تعز وعدن محال عديدة خاصــة بصناعة الحلويات تنتشر على ضفتي منطقة «العند» عبر محال ملونة شبيهة بما تحـــــــتويه من حـــــــلويات تفوق شهرتها حدود المنطقة، وإلى جانب محال حلوى القباطي اللذيذة، يجد المرء مطاعم ومحال أخرى بقربها مما يجعل تلك المنطقة مكاناً تسويقيا يتزود منه المرتحلون بشراء هداياهم المتنوعة بما في ذلك حلوى «العند» الشهيرة». وفي عودة إلى الشميري- صاحب معمل السلام لصناعة الحلوى بسوق الحصبة، وسؤاله عن سر شهرة الحلوى القباطية، قال: «إن أصالة المنتج القباطي يكمن في سر المهنه لدى صانعيه ومنتج «العند» في لحج جذب إلى جانب المواطنين اليمنيين؛ السياح الأجانب الذين يحرصون على اصطحاب الحلويات القباطية إلى بلدانهم كهدايا نوعية حتى أصبح مشهد شرائهم لكميات كبيرة من الحلوى اللحجية أمرا مألوفا». فيما تؤكد مصادر في الجمعية الخيرية الاجتماعية لمعامل حلويات القبيطة أن صناعة الحلويات في اليمن سهلت ووفرت العديد من فرص العمل وأسهمت كإحدى الوسائل التي يبتكرها الأهالي في مكافحة الفقر والحد من البطالة وامتصاصها. وهاهي اليوم حلويات اليمن كما يؤكد الكثيرون تنطلق للعالمية وتتجاوز حدودها المحلية والعربية لتقف جنباً إلى جنب مع شركات عملاقة وكبير تعمل في هذا المجال