مواطن القوة والضعف في العمل الأدبي (( القصيدة النبطية ))

مواطن القوة والضعف في أي قصيدة
القصيدة عمل أدبي من ابتكار البشر والذين غالبا ما يعتري عملهم شيء من الخلل أو النقص أو الضعف مثل ما نجد في هذا العمل من مكامن للقوة والجمال ولهذا نجد أن أغلب القصائد الجميلة والرائعة والمتميزة في كل ضرب من ضروب الشعر لابد وأن يعتريها شيء من الضعف و الخلل.
لهذا الأمر سأفرد في هذا المتصفح الجميل موضوعا عن مواطن القوة والضعف في القصيدة العامية
أولا مواطن القوة في القصيدة ::
1 : الجزالة والوحدة الموضوعية للبيت
وهي : انسيابية اللفظ وتماسكه في البيت الواحد ، مع الحفاظ على قوة المفردة ، وبعض أنواع الجزالة تعتمد على اقتباس التراكيب والعبارات الدارجة ، وأمثلة الجزالة في الشعر الشعبي :

الـطـيـر بالـجـنـحـان مـحـلــى رفـيـفــه

وليا انكسر أحد الجناحيـن مـا طـار

ويـسـرى بــلا يمـنـى تـراهــا ضعـيـفـة

ورجل ٍ بلا ربع على الغبن صبار

نلاحظ هنا انسيابية اللفظ وتماسكه في البيت الواحد محافظا على قوة المفردة معتمدا على عبارات دارجة يعيها الجميع
أيضا من الأمثلة قول الشاعر محمد بن فطيس المري

واللي تعوص وتضرب الحاجز يسار

تــشــل فــــي الــدنــة وتــرجــع بـلـدهــا

أيضا هنا ابن فطيس اعتمد على المفردات الدارجة مثل (( تشل )) (( الدنة )) لذلك جاء البيت من الأبيات الجزلة في قصيدته المشهورة والتي شارك بها في شاعر المليون .
2 : الوحدة الموضوعية للقصيدة :
مما لاشك فيه أن النص إذا كان في موضوع واحد فهو ذو وحدة موضوعية فتكون القصيدة في المديح أو الوصف أو الرثاء ...إلخ. ويرى بعض الباحثين أن الشعر العربي القديم يحتوي على وحدة نفسية أي أن الشاعر ينتقل من موضوع إلى موضوع وفق تخطيط ذكي هدفه شد القلوب والأسماع إليه . وهذا تبرير لعدم وجود وحدة موضوعية في شعرنا القديم .
لذا فإنإدراك أن الوحدة الموضوعية لا تتحقق إلا بمراعاة مقتضى الحال أي الغرض الأساس من القصيدة ولذلك سمى القدامى موضوعات الشعر أغراضاً لأنها المقاصد الأولى للمتكلمين , فلا بأس إذن أن يحشد الشاعر أفكاراً ثانوية كالحكم والأمثال المعبرة عن معان منسجمة مع السياق . فليست وحدة الموضوع أن يكون النص مديحاً أو رثاءً أو غزلاً فحسب بل أن يراعي القائل المناسبة فإذا رثى - مثلاً- بكى صاحبه وذم الدنيا وحث على الزهد وإن مدح قائداً وصف المعركة وهجوم الخصم ... ومن الأمثلة على القصائد ذات الوحدة الموضوعية لشعراءنا الحاليين قصيدة القصاص للشاعر جزاء البقمي

يا فـلاح الهـم خيـم فـوق قلبـي يـا فـلاح

كيف تبغاني اسولف وانت خابرني عليل

وش قولك في عليل في حياتـه مستـراح

تنتثـر دمعـة عيونـه لظلـم الليـل الطـويـل

حالتـه لا ماتباعـد حـال سلطـان الـربـاح

بالخطا راحت حياته والخطاء ماله مثيل

إلى آخر النص الجميل
3 : التصوير(( الوصف ))
أو الصور الجمالية في القصيدة : الشعر من الشعور والشعور غالبا ما ينبع من العاطفة والتصوير الفني هو الذي يجسد ويشخص لنا هذا الشعور فيجعلنا نشعر به ونتعاطف معه بل ويبقيه في الذاكرة أمدا بعيد بل قد يستمر البيت في الأذهان لسنين طويلة وقد تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل لماذا ؟ لأن الصورة في هذا البيت غاية في الروعة ومن الأمثلة على الصورة الجميلة في شعر السابقين
قول الشاعر :

وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت

وردا وعضت على العناب بالبـرد

البيت هذا غاية الأدب في جمال الصورة وصف للدموع وتشبيهها بالؤلؤ والعين بالنرجس وانسكاب هذا الؤلؤ من النرجس ومروره على الورد وسقياه والورد هنا يعني وجنة الخد ثم اطباق الثمان (( البرد )) على طرف الشفاه (( العناب ))
بل إن هذا البيت عُدَّ من أجمل ما قالت العرب لجمال الصورة فيه . ومن الصور الجميلة للشعراء الحاليين بيت للشاعر ناصر الفراعنة في قصيدته (( وصف الذلول ))

كن سنام الصيعريـة يـوم شـاط

قـبـة القـصـر الأمـيـري فـالـربـاط

والخفاف تْقِلْ كسر ٍ من بلاط

والسفايف لأخفقت كنها تسـاب

4 : استخدام الكوميديا :
طرق الشعر أساليب متنوعة ومتعددة بهدف الوصول إلى المتلقي في قالب مقبول ومن هذه الأساليب الشعر الفكاهي أو الكوميديا في الشعر ولقد حقق هذا النوع شعبية جارفة لتمكن الشاعر أو المتلقي من حفظه بسهولة وأيضا لأنه يبعد الملل الذي يصيب المتلقي من الأنواع التي سادت في مجالس الشعر كالمدح والغزل وغالبا ما يقترن مع هذا الأسلوب أسلوب النقد حتى تصبح الفكرة مقبولة لدى المتلقي ومن المبرزين في هذا النوع من الشعر غالب بن منصور وهو القائل :

يلـي تـطـرق الـبـاب لا تكـسـر الـبـاب

الـبـاب مفـتـوح مـــن طـلـعـة الـشـمـس

اقــلــط عــلــى نــــار تــولــع بـمـشـهـاب

ماهو بقز ٍ بايح ٍ غازه من أمس

كما احتوى هذا النوع من الشعر بالإضافة إلى الفكاهة نوع من التهكم المقبول اجتماعيا والذي يعالج بعض العادات السيئة يقول إبراهيم المزيد :

دخيـل الله عــن هــرج السمـلـج

إلــلــي بـالـهــذر أطــلــق لـجـامــه

ألا يـالـيــت ربــــي يــــوم ســــوى

عـبـيـده حـــط بالـطـيـب عـلامــة

على شأن الذي بالناس جاهل

يعرف الحر مـن برقـا الجهامـة

وأيضا قول الشاعر سعد الحويماني :

اليـوم كـلـن صــار جيـبـه صديـقـه

هو الرفيق اللي يصون الصداقه

ماعاد لـي غيـر القطاعـه طريقـه

يعني بمعنـى اصـح قطـع العلاقـه

من لا نفع من جاه وقته بضيقه

ودك تـحـكـم حـرمـتـه فـــي طـلاقــه

5 : الإتكاء على غرض شعري يخدم الوضع الاجتماعي السائد
كسمو الأخلاق والتدين والمروءة هذا الجانب الإيجابي والجانب السلبي كالخيانة والغدر والنفاق الاجتماعي وما إلى ذلك وهو وإن كان غرضا يفصله بعض النقاد عن كالجرجاني عن جسد القصيدة إلا حاضر ومؤثر في وعي المتلقي ومثال ذلك أبيات للشاعر سعد الحويماني يقول فيها :

لا قـــل مـالــك قــــل وصــــل الـجـمـاعـه

والـواجـبــه لا جــتــك عـنــهــا يــصـــدون

بــــدال وصــــل الــرحــم تـلـقــى قـطـاعــه

وبـــدال فزعـتـهـم مـعــك عـنــك يـقـفــون

ولا زاد مـالـك جـــوّك فـــي كـــل سـاعــه

ومــن قـبـل تـدخـل فالمجـالـس يـهـلـون

امــــر وتـلـقــى عـنــدهــم كـــــل طــاعـــه

لــوّك تـصـلـي شـــرق خـلـفـك يـصـلـون

لـــــــوّك ردي مــافـــيـــك ذرة شــجـــاعـــه

كلن ايقول ابشر ..وحاضر ..وممنون

المـرجـلـه صــــارت ســــوات الـبـضـاعـه

كـلـمـة (نــعــم) تـنـقــال لــلــي يــزيــدون

مـركــب زمــنــا الــمــال يــرفــع شــراعــه

والـطـيـب واهـلــه فــيــه دايــــم يـعـانــون

مواطن الضعف في القصيدة : :

1 : كثرة الحشو :
وهو التكرار بغير مسوغ لأهداف دائما ما تكون بهدف الوصول إلى القافية أو الشح المفرداتي عند الشاعر الأمر الذي يضطره للتكرار والحشو ومن الأسباب طول نفس القصيدة مما يصعب على الشاعر تجنب الحشو .
لن أورد أمثلة على ذلك لأن الأمثلة كثر وأخاف يزعل الغير علي والذكي يفهم .
2 : الركاكة والارتباك في بعض الكلمات
أو الصور الشعرية سواء بسبب رداءة المفردة في ذاتها أو لإضافة بعض الزوائد عليها كحال الأحرف الزائدة وكذلك الحال بالنسبة للجملة أو الصورة الشعرية .
3 : الاعتماد على اللهجة الدارجة فقط
مع أن الشعر هو أدب طيار لا يعترف بالحدود والإقليمية لذلك فالشاعر الذي تسيطر عليه لهجة من حوله دون الالتفات للهجات الأخرى دائما ما يكون ضيق الحضور كون من يخاطبهم بشعره هم ناسه وخاصته وأهل منطقته فقط وهذا العامل له فائدته ، لكن مضاره أكثر ، وفائدته : قوة ملامسة قصائده لأسماع جمهوره من نفس اللهجة ، أما مضاره : فتحجيم خارطة المتلقين والمتذوقين ، وإيقاع المتلقي أحيانا في توهم الضعف والركاكة لأن العبارة غير مسموعة لديه من قبل.
4 : فقدان البحر :
البحر هو هو الوزن أو النغم الموسيقي الذي يجري عليه بيت الشعر، وتقوم علية القصيدة كلها،ويتكون من تفاعيل محددة وأحيانا يفقد الشاعر بحر القصيدة بسبب العجلة أو عدم اتقانة للوزن .
5 : الانزياح عن القافية :
سواء كان هذا الانزياح تام وواضح أو الإتيان بمفردة في القافية تكون شبيهةً نوعا ما إلا أنها غير مطابقة للقافية التي قبلها مما يجعل المتلقي يشعر بهذا الانزياح وينزعج منه .
لهذه المواطن أمثلة كثيرة من شعر المعاصرين ولكن لن آتي بها بل سأجعل البحث عنها لغيري خشية أن يتضايق مني من سأورد أمثلة لهم فأكون الملاذ الآمن لأقلامهم . مع أن قاعدتي في الشعر لماذا نخاف النقد فأنا عندي الكثير والكثير من قصائدي بها مواطن ضعف كثيرة قد يكون مرده غزارة الانتاج أو التطبيل الغير صادق لجل قصائدي فرحم الله من أهدى إلي عيوبي

شكرا يابن فلاح على الموضوع

تحياتي

بن فلاح يسلموو ع طرح هذا الموضوع القيم لعشاق الشعر ..عساك ع القوة دووم ..

وامثلة روعه في طبية الاحكام الفضيه في الشعر الادبي..

لك كل الود ... تقبل مروري