ما إن بدأ بتناول أغصان القات حتى أتخذ له مكاناً قصياَ في طرف المجلس الذي يرتاده برفقة الكثير من الأصحاب ...
بدأ القات بنشوته وخدره حتى أعتزل صالح العالم الذي يعيش فيه وركب بحر الخيال وبدأت سفينة أفكاره تمخر في عرض ذلك البحر شاقة لها طريقاً عبر الأمواج المتلاطمة بحثاً لها عن مرسى آمن ...
لم يدري بأن سفينة أفكاره ستقوم بالرسو على شاطئ الجنة التي منها هبط أبونا آدم وأمنا حواء وكذلكـ الشيطان الذي أغواهما وجعلهما يأكلان من تلك الشجرة التي نهاهما الله سبحانه وتعالى عنها ...
نسي صالح كُل من حوله ومايدور حوله من أحاديث أصحابه التي تعلو أصواتهم تارة وتارة أخرى تكاد تكون عدم ...
بدأ صالح رحلته في البحث عن تلك الشجرة التي كانت سبباً في إخراج آدم وحواء من الجنة علّه يهتدي لها ويعرف السر من نهي الله سبحانه وتعالى عن الإقتراب منها بعد أن أغراهما الشيطان وأوهمهم بأنها شجرة الخلد أو شجرة يكمن فيها مُلكاً لايبلى ...
بينما صالح يبحث عن تلك الشجرة والتي ظن بأنها ستكون وحيدة تختلف عن شجرات الجنة خطر بباله لماذا لاتكون تلك الشجرة هي شجرة القات ؟؟
إن شجرة القات وما تفعله بمن يتناول أغصانها من الذهاب إلى عالم آخر قد يصل إلى حدود أن يجعل الإنسان نفسه ملكاً ويكون له ما كان لسليمان عليه السلام من مُلك وتسخير الجن والرياح ومنطق الحيوان وقد تصل إلى حدود بأن يجعل الإنسان نفسه خالداً ويبقى الخلود لله جلّ في عُلاه ...
هل من الممكن أن يكون الشيطان أكل من تلك الشجرة وعرف ماتفعله بصاحبها وبعد أن تزول آثار نشوتها وخدرها حتى يعود مثلما كان عليه قبل أن يتناولها وربما أكثر سخرية وأكثر بشاعة وهذا ماحصل لآدم وحواء بعد أن تناولاها وبدت لهما سؤاتهما عقب زوال آثار النشوة والخدر ...
خطر لصالح بأن تلك الشجرة - والله أعلم - ماهي إلا شجرة القات ، ولكن كيف وجدت هذه الشجرة على الأرض ؟؟؟
كان لابد لصالح قبل أن تعود سفينته من أن يعرف كيف جاءت تلك الشجرة إلى الأرض ، فعرف - والله أعلم - أن الشيطان عندما أخرجه الله سبحانه وتعالى من الجنة برفقة آدم وحواء أخذ غصناً من تلك الشجرة وغرسها في أرض الحبشة ومن أرض الحبشة جاء بها يهود الفلاشا إلى أرض اليمن عندما تم غزو اليمن ...
عادت سفينة صالح عبر أمواج متلاطمة كادت أن تغرق سفينته لولا أن أستوت على جبلٍ قد يكون جبل نُقم في ضواحي العاصمة صنعاء ...
وما كان من صالح سوى أن خرج من رحمة أبوه بعد أن نسي صلاة العصر والمغرب بسبب أغصان تلك الشجرة التي نهاه أبوه عن تناولها ولكن الشيطان أبى إلا أن يجعل صالح يعصي أبوه فطرده من منزله وبدأ صالح حياة التشرد والتمرد والتسكع في الشوارع فعرف صالح أن تلك الشجرة ماهي إلا شجرة القات التي طردت آدم من رحمة الله وطردته من رحمة أبوه ...
ذلك مما رآق لي جزى الله خير كاتبها