السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدخل
يبين ضحكته لاشافه اقبل=وهو قصده يدبرله مكيده
يحسب انه على الكل امتعلي= وماخلا لمن عقبه شريده
وهو مع سكة الغادين غادي=ويسلك منهجٍ غير العقيده
الكيد والمكيدة .. تعني المكر والخديعة ولذلك يقال .. كاد فلان لفلان أي مكر به والحق به الضرر
لاشك أن المكائد تتنوع إلا أنك تجرم أن دوفعها قد تكون واحدة وتتغذى من نفس الأسباب التي يمكن أن نحصرها في كلمة واحدة هي (الكـــ راهــية). وهي من أهم أسباب تأجيج النيران في قلب أي كان فيبدأ في نسج المكائد لكل من حوله حقداً وحسداً وانتقاماً لإحساسه الدائم بصغر حجمه مقارنة بالآخرين، وقديماً قيل:
اذا كرهت فتىً كرهت كلامه=واذا سمعت غناءه لم تطرب
صحاب النفوس الكيدية لا يتورعون عن ارتكاب اشد المعاصي في سبيل إنزال الاذى بمن يتهومونه عدو لهم فتجدهم يتفننون في توجيه مكائدهم من قذف وبهتان بحقك، وهاهو القرآن الكريم يعالج تلك المشكلة المستفحلة في قلوب الكائدين بقوله تعالى (ومن يكسب خطيئة او إثما ثم يرمِ به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا).
ومع ذلك فيكفيك نصراً منه تعالى أن ترى عدوك يعصي الله فيك وقد بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن ترك الإضرار بالناس خير الجزاء من الله، فقد قيل: يا رسول الله أرأيت ان ضعفت عن بعض العمل؟ قال:(( تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك)) ، وإن مكارم الأخلاق الكريمة تحول دون تفكير المرء بالإيذاء والضرر وقد وصف الشاعر تلك الحالة بقوله:
إنا لقومٌ أبتْ أخلاقنا شرفاً=أن نبتدي بالأذى من ليس يُؤْذينا
اما أصحاب النفوس الكيدية فإنهم لا يتورعون في إنزال الأذية بالآخرين بل ويستلذون بذلك الى درجة الادمان.
قد يستلذ الفتى ما اعتاد من ضرر= حتى يرى في تعاطيه المسرات
وغالبا فإن هؤلاء الكائدون ينسون سوء العاقبة التي قد كتب الله أنها تحل عليهم لأنه تعالى توعد المسيء بالعقاب فهو لا يقبل ظلمهم، ثم انه العادل في حكمه ويجزي كلاً بعمله
قضى الله ان البغض يصرع أهله=وأن على الباغي تدور الدوائر
كذلك فإن الانسان حينما ينتصر من ظالمه ليست عليه أي ملامة، بل وان الإنسان عليه أن يستعد ويتخذ الحيطة لمجابهة أية مكيدة قد تحاك ضده وقد قيل قديماً:
اذا امرؤ في مجلس رام عامدا=أذاك بما ينوي وما يتوددُ
فكن حازماً لا تتركن ظلامةً=مخافة بطش القوم والقوم شهّدُ
وأختم بقولي ان ضعف شخصية الكائد وخللها الناتج عن مركبات النقص هو ما يدفع الكثيرين لحبك المكائد لمن حولهم
مخرج
لكل مظلوم من كائد لعين
توقَّ الأذى من كل نذل وساقطٍ=فكم قد تأذى بالأراذل سيد
ألم تر أن الليث تؤذيه بقةٌ=ويأخذ من حد المهنَّدِ مِبْرَدُ