الحارث بن حلزة
? - 54 ق. هـ / ? - 570 م
الحارث بن حِلِّزَة بن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي.
شاعر جاهلي من أهل بادية العراق، وهو أحد أصحاب المعلقات.
كان أبرص فخوراً، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند الملك بالحيرة، جمع بها كثيراً من أخبار العرب ووقائعهم حتى صار مضرب المثل في الافتخار، فقيل: أفخر من الحارث بن حلّزة.
معلقة
آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ رُبَّ= ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ= شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ
بَعْدَ عَهْدٍ لَنَا بِبُرْقَة ِ شَمّاءَ =فَأَدْنَى دِيارِها الخَلْصاءُ
فالمحّياة ُ فالصِّفاحُ فأعنـاقُ= فتاق ٍ فعاذبٌ فالوفاءُ
فرياضُ القطـا فأودية ُ =الشُّربُبِ فالشُّعْبَتَانِ فالأَبلاءُ
لا أرى من عهِدتُ فيها فأبكي =الـيومَ دلْهـاً وما يحيرُ البكاءُ
َوبعينيكَ أوقدتْ هندٌ النارَ =أخِيرا تُلْوِي بِهَا العَلْيَاءُ
أوقَـدتْهـا بينَ العقيقِ =فشخصيـن بعودٍ كما يلوحُ الضياءُ
فَتَنَوَّرتُ نارَها مِن بَعيدٍ =بِخَزارٍ هَيهاتَ مِنكَ الصلاءُ
غَيرَ أنّي قَد أسْتَعينُ عَلَى= الهَمِّ إذَا خَفَّ بالثَّويِّ النَّجَاءُ
بِزَفوفٍ كأنَّها هِقْلَة = أُمُّمٌ رئالٍ دّوّية ُ سقـفــاءُ
آنستْ نبــأة ً وأفــزَعها =الـقُـعَصْرا وَقَدْ دَنَا الإمْساءُ
فَتَرَى خَلْفَهَا مِنَ الرَّجْع= وَالوَقْــعِ منينـاً كأنهُ إهبــاءُ
وَطِرَاقا مِنْ خَلفهِنَّ طِرَاقٌ =ساقطاتٌ ألوتْ بها الصحراءُ
أتلهّـى بهـا الهـواجرَ إذ كلُّ= ابــنِ هـــمٍّ بليّــة ٌ عميــاءُ
وَأَتانا عَن الأَراقِمِ أَنبا ءٌ= وَخَطبٌ نُعنى بِهِ وَنُساءُ
إِنَّ إخْوَانَنَا الأرَاقِمَ يَغلُونَ= علينــا في قيلهــمْ إحفاءُ
يخلطونَ البريءَ منّـا بذي =الذَّنوَلاَ يَنْفَعُ الخَلِيَّ الخَلاءُ
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ =العَيرَمَوالٍ لَنا وَأَنّا الوَلاءُ
أَجمَعوا أَمرَهُم بِلَيلٍ فَلَمّا= أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوضاءُ
منْ منـادٍ ومنْ مجيبٍ ومِنْ =تصـهَالِ خَيْلٍ خِلاَلَ ذَاكَ رُغاءُ
أيُّــها الناطقُ المرقِّـشُ عنّـا =عِنْدَ عَمْرو وَهَلْ لِذَاكَ بَقَاءُ
لا تَخَلْنَا عَلى غَرَاتِكَ إنَّا =قبلُ ما قدْ وشى بنا الأعداءُ
فبقينــا على الشناءة ِ= تَنميــنا حصونٌ وعـزّة ٌ قعساءُ
قبلَ ما اليومِ بيَّضتْ بعيونِ =الـنـاسِ فيها تغـيُّــظٌ وإباءُ
وَكَأَنَّ المَنُونَ تَرْدي بِنَا =أَرْعـنَ جَـوناً ينجابُ عنهُ العماءُ
مكفهّراً على الحوادثِ لا =تـرْتُوهُ للدَّهْرِ مُؤْيدٌ صَمَّاءُ
اَيّما خُطَّةٍ أَرَدتُم فَأَدّها =إِلَينا تَمشي بِها الأَملاءُ
إِن نَبَشتُم ما بَينَ مِلحَةَ فَالصاقِب= فيهِ الأَمواتُ وَالأَحياءُ
أَو نَقَشتُم فَالنَقشُ تَجشَمُهُ =الناسُ وَفيهِ الصَلاحُ وَالإِبراءُ
أوْ سكـتّــمْ عنّــا فكنّــا كمنْ =أغْــمضَ عيناً في جفنِها الأقذاءُ
أو منعـتمْ ما تسألونَ فمن =حُــدِّ ثْتُمُوهُ لَهُ عَلَيْنَا العَلاَءُ
هَلْ عَلِمْتُمْ أيّامَ يُنْتَهَبُ النَّاسُ= غِوَارا لِكُلِّ حَيٍّ عُوَاءُ
إِذ رَفَعنا الجِمالَ مِن سَعَفِ =البَحرَينِ سَيراً حَتّى نَهاها الحِساءُ
ثــمّ ملنا على تميـمٍ فأحرمْـو=َفِينَا بَنَاتُ قَوْمٍ إمَاءُ
لا يقيـمُ العزيزُ بالـبلـدِ =السّهـــلِ ولا ينفعُ الذليلَ النجاءُ
لَيسَ يُنجي مُوائِلاً مِن حِذارِ= رَأَسُ طَودٍ وَحَرَّةٌ رَجلاءُ
فَمَلَكنا بِذَلِكَ الناسَ حَتّى =مَلَكَ المُنذِرُ بِنُ ماءِ السَماءِ
وَهُوَ الرَبُّ وَالشَهيدُ عَلى =يَومِ الحَيارَينِ وَالبَلاءُ بَلاءُ
مـلــكٌ أضرعَ البريـّة َ لا= يُـوجـدُ فـيها لما لـديهِ كفاءُ
فَاِترُكوا البَغيَّ وَالتَعَدي وَإِما= تَتَعاشوا فَفي التَعاشي الدَاءُ
وَاِذكُرُوا حِلفَ ذي المَجازِ وَما =قُدِّمَ فيهِ العُهودُ وَالكُفَلاءُ
حَذَرَ الخَونِ وَالتَعَدّي وَهَل= يَنقُضُ ما في المَهارِقِ الأَهواءُ
وَاِعلَموا أَنَّنا وَإِيّاكُم فيما= اِشتَرَطنا يَومَ اِختَلَفنا سَواءُ
أَعَلَينا جُناحُ كِندَةَ أَن يَغنَمَ= غازِيهُمُ وَمِنّا الجَزاءُ
أم عَلَينا جُرّى حَنيفَةَ أَو ما= جَمَّعَت مِن مُحارِبٍ غَبراءُ
أَم جَنايا بَني عَتيقٍ فَمَن =يَغدِر فَإِنّا مِن حَربِهِم بُراءُ
أَم عَلَينا جَرّى العِبادُ كَما =نيطَ بِجَوزِ المَحمَلِ الأَعباءُ
أَم عَلَينا جَرّى قُضاعَةَ أَم= لَيسَ عَلَينا مِمّا جَنوا أَنداءُ
لَيسَ مِنّا المُضَرَّبونَ وَلا= قَيسٌ وَلا جَندَلٌ وَلا الحَدَاءُ
أَم عَلَينا جَرّى إِيادٍ كَما =قيلَ لِطَسمٍ أَخوكُم الأَبّاءُ
وَثَمانونَ مَن تَميمٍ بِأيديهم= رِماحٌ صُدُورُهُنَّ القَضاءُ
لَم يُخَلّوا بَني رِزاحٍ بِبَرقاءِ=نِطاعٍ لَهُم عَلَيهُم دُعاءُ
تَرَكوهُم مُلَحَّبينَ فَآبوا= بِنهابٍ يَصَمُّ فيهِ الحُداء
وَأَتَوهُم يَستَرجِعُونَ فَلَم= تَرجِعُ لَهُم شامَةٌ وَلا زَهراءُ
ثُمَّ فاءَوا مِنهُم بِقاصِمَةِ= الظَّهرِ وَلا يَبرُدُ الغَليلَ الماءُ
ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذاكَ مَعَ =الغَ لّاقِ لا رَأَفَةٌ وَلا إِبقاءُ
ما أصابوا مِن تَغلَبِيِّ فَمَطَلولٌ= عَلَيهِ إِذا تَوَلّى العَفاءُ
كَتَكاليفِ قَومِنا إِذ غَزا المُن= ذِرُ هَلِ نَحنُ لابنِ هِندٍ رِعاءُ
إِذ أَحَلَّ العَلاَةَ قُبَّةَ مَيسونَ= فَأَدنى دِيارِها العَوصاءُ
فَتَأَوَّت لَهُم قَراضِبَةٌ مِن =مُحلِّ حَيٍّ كَأَنَّهُم أَلقاءُ
فَهَداهُم بِالأَسوَدَينِ وَأَمرُ =اللَهِ بَلغٌ يَشقى بِهِ الأَشقياءُ
إِذ تَمَنّونَهُم غُروراً فَساقَت =هُمِ إِلَيكُم أُمنِيَّةٌ أَشراءُ
لَم يَغُرّوكُم غُروراً وَلَكن= يَرفَعُ الآلُ جَمعَهُم وَالضَحاءُ
أَيُّها الشانِئُ المُبلِّغُ عَنّا =عِندَ عَمرَوٍ وَهَل لِذاكَ اِنتهاءُ
مَلِكٌ مُقسِطٌ وَأَكمَلُ مَن يَم= شي وَمِن دونَ ما لَدَيهِ الثَناءُ
إِرمي بِمثلِهِ جالَتِ الجِنُّ= فَآبَت لِخَصمِها الأَجلاءُ
مَن لَنا عِندَهُ مِنَ الخَيرِ =آيا تٌ ثَلاثٌ في كُلِّهِنَّ القَضاءُ
آيةٌ شارِقُ الشَقيقَةِ إِذ جا َوا= جَميعاً لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ
حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبشٍ= قَرَظِيٍّ كَأَنَّهُ عَبلاءُ
وَصَتيتٍ مِنَ العَواتِكِ ما تَن= هاهُ إِلّا مُبيَضَّةٌ رَعلاءُ
فَجَبَهناهُمُ بِضَربٍ كَما يَخرُجُ= مِن خُربَةِ المَزادِ الماءُ
وَحَمَلناهُمُ عَلى حَزمِ ثَهلانِ= شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنساءُ
وَفَعَلنا بِهِم كَما عَلِمَ اللَهُ= وَما إِن لِلحائِنينَ دِماءُ
ثُمَّ حُجراً أَعني اِبنَ أُمِّ قَطَامٍ= وَلَهُ فَارِسِيَّةٌ خَضراءُ
أَسَدٌ في اللِقاءَ وَردٌ هَموسٌ= وَرَبيعٌ إِن شَنَّعَت غَبراءُ
فَرَدَدناهُم بِطَعنٍ كَما تُن= هَزُ عَن جَمَّةِ الطَوِيِّ الدِلاءُ
وَفَكَكنا غُلَّ اِمرِئِ القَيسِ عَنهُ= بَعدَ ما طالَ حَبسُهُ وَالعَناءُ
وَأَقَدناهُ رَبَّ غَسانَ بِالمُن= ذِرِ كَرهاً إِذ لا تُكالُ الدَماءُ
وَفَدَيناهُمُ بِتِسعَةِ أَملا كٍ =نَدَامى أَسلابُهُم أَغلاءُ
وَمَعَ الجَونِ جَونِ آَلِ بَني =الأَو سِ عَنُودٌ كَأَنَّها دَفواءُ
ما جَزِعنا تَحتَ العَجاجَةِ إِذ= وَ لَّت بِأَقفائِها وَحَرَّ الصِلاءُ
وَوَلَدنا عَمرو بِن أُمِّ أُناسٍ= مِن قَريبٍ لَمّا أَتانا الحِباءُ
مِثلُها تُخرِجُ النَصيحةَ لِلقَو= مِ فَلاةٌ مِن دونِها أَفلاءُ
تحيلتي ابوالطيب
يليها معلقة اخرى