ولا يزال " الرادار " يختبئ لنا .. خلف شجرة أو وراء كتلة اسمنتية أو تحت جسر
على الرغم من التطور الهائل الذي شمل البنية التحتية، والتقدم اللافت الذي رافق شبكة الطرق والمواصلات، وعلى الرغم أيضاً من تطور دوريات أمن الطرق التي أصبحت تعتمد في عملها على أحدث التقنيات العالمية .وعلى الرغم من مواكبة شرطة المرور عندنا لأحدث ما تتوصل إليه التقنيات المتقدمة في تطوير أجهزة ضبط السرعات وغيرها، حتى أصبحت طرقاتنا ساحة لعرض كل أنواع أجهزة «الرادار»، إلا أن شيئاً واحداً لم يتغير وبقي على حاله لسنوات طوال إلى يومنا هذا، فهل هو نوع من الحفاظ على التراث تتمسك به إدارات الشرطة أم أنها لم تتوصل إلى ابتكار جديد يجنبها أسلوب إخفاء أجهزة الرادار المتحركة خلف شجرة أو وراء كتلة اسمنتية أو تحت جسر أو أي حاجز يصطنعه رجال شرطة المرور لضبط المزيد من المخالفين للسرعات المحددة؟هذا أمر لا يتفق مع المستوى الذي وصلت إليه شرطة المرور ولا يتناسب مع المهام الكبيرة التي يؤديها رجال المرور ولا يتسق مع التقدير والاحترام الذي يكنهما المجتمع لأفراد نراهم صباح مساء في الطرقات في القيظ والبرد، يؤدون عملهم بمنتهى الاخلاص والحيوية.ولا ينال من اللوحة الجميلة التي يرسمها هؤلاء وتترسخ في أذهاننا سوى هذا الأسلوب غير الحضاري الذي يظهر رجل الشرطة، مع الأسف، وكأنه إنسان ضعيف يختبئ ليضبط المخالف في حين أن الأصل في رجل الشرطة مهما كان العمل الذي يؤديه أنه قوي وشجاع يساعد الناس خاصة وقد تمكنت إدارات الشرطة من تصحيح الصورة النمطية لرجل الشرطة الذي كان يستخدم للتخويف وكرست لترسيخ مفهوم جديد من خلال الشرطة المجتمعية.نتساءل ما العيب في أن تعلن إدارات شرطة المرور عن أماكن وجود أجهزة «الرادار»، وتنصب لذلك لوحات إلكترونية كبيرة حتى يراها سالك الطريق فيتفادى السرعة حتى تصبح القيادة الآمنة بلا تجاوز للسرعة المحددة ثقافة والتزاماً، ليس خوفاً من المخالفة بل حباً في النظام. ونتساءل أيضاً ما الحاجة إلى هذا الكم من أجهزة الرادار، فالمسافات الفاصلة بين شارعين امتلأت بأنواع أجهزة الضبط، فهذه تضبط السيارة من الأمام وتلك من الخلف وثالثة من الطرفين ورابع من أعلى الرؤوس.ترى هل نفهم من انتشار أجهزة «الرادار» بهذه الصورة وتنوعها بين الثابت والمتحرك أن مخالفات تجاوز السرعة لم تعد كما كانت، فلم تعد الأجهزة الثابتة كافية للضبط، بحكم أن السائقين حفظوا أماكن وجودها وبالتالي استعاضت إدارات الشرطة بأنواع أخرى بهدف تحرير المزيد من المخالفات، نتمنى ألا يكون هذا النهج هو السائد ونتطلع إلى مهرجان كبير يحتفل فيه السائقون مع إدارات شرطة المرور بتحقيق إنجازات في الحد من مخالفات تجاوز السرعة وبالتالي انخفاض حجم الأموال التي تدرها.
بقلم فضيلة المعيني* نقلاً عن صحيفة البيان