* تسأل بعض الناس: كيف حالك يا فلان ؟
-
فيجيبك بنبرة حزينة تنم عن ألم موجع وضيق مفجع يقبض على الصدر ويكتم
الأنفاس ، فيقول : طفشان ، قلقان ، زهقان ، يكاد أن يقتلني الملل ،
وتذبحني السآمة ، لم أتلذذ بحياتي ولم أذق طعم السعادة ، قد هدني القلق ،
وأزعجني الأرق ، وأشعر أني أعيش في شقاء وعناء ، وينهال عليك بكلمات حزينة
تنم عن حال بئيس وواقع تعيس يعيشه ويعاني منه ، لو وزع على أهل الأرض
لكفاهم وأشقاهم.
- وعندما ترى ألمه وندمه ، وتشعر بحسرته وحزنه ، يلوح أمام ناظريك قول
الله تعالى: ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة
أعمى ..الآية )
* فتسأله:
- هل تحافظ على الصلوات ؟
- وهل تحس بالخشوع فيها ؟
- هل لسانك رطب من ذكر الله ؟
- هل تقرأ القرآن وتكثر من الشكر والذكر ؟
- هل تسمع الأغاني وتنظر إلى المسلسلات ؟
- هل أصحابك أخيار أو أشرار ؟
-
ومن خلال إجابته تدرك أنه ضعيف الصلة بربه ، منغمس في إثمه وذنبه ، قد
أحرقت قلبه السيئات ، وأظلمت بصدره الموبقات ، فمسه الله بشيء من العذاب
الأدنى لعله يتوب أو يؤوب ، ولكنه سادر في غيه ، مفرط في أمر ربه ، مضيع
لشرائع دينه.
-
فلا عجب أن يتألم ويتندم ويتحسر ويتعذب مع أن دنياه في زيادة وعيشه في
رخاء ، ولكن أبى الله إلا أن يذل من عصاه ويعذب من خالف رسوله ومصطفاه.
* وتسأل السؤال ذاته لغيره: كيف حالك يافلان ؟؟
-
فيبادرك بالحمد والثناء على الله تعالى ، قد رضي بالقضا ، وحاول إرضاء
مولاه فأرضاه الله ، فحياته طيبة ، وعيشه سعيد ، فهو في راحة وسكينة ومسرة
وطمأنينة ، مستقر العيش دائم السرور ، ولو تأملت حاله لوجدته ربما يعيش في
شظف من العيش قليل ذات اليد ، وعندما تراه قد طفح السرور على محياه تردد
قول الله تعالى: ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة
طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ).
-فالإيمان
طريق الأمان ، والعبادة سبيل السعادة ، وهذا ما نحتاجه في واقعنا المعاصر
الذي تشتت فيه النفوس وتشعبت فيه القلوب ، ولم يبق لنا إلا أن نجعل الهموم
هماً واحداً ، وهو كيف نرضي الله عنا ليرضينا في حياتنا وبعد مماتنا ويوم
نشرنا وحشرنا ....وإلى الله مرد أمرنا !.
بقلم: عبداللطيف بن هاجس الغامدي