المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد بن سالم البيحاني


بشير الخير
28-08-2010, 06:51 PM
الشيخ محمد بن سالم البيحاني




ولد شيخنا البيحاني رحمه الله تعالى في بيحان مدينة القصاب حصن هادي في عام 1326هـ الموافق 1908 م وفقد بصره وهو في الخامسة من عمره ، ودرس القرآن الكريم ثم مبادئ في العلوم الشرعية والعربية على يد والده العالم الفقيه الفلكي المرحوم الشيخ سالم بن حسين الكدادي البيحاني ، ولما ظهرت حافظيته ومواهبه بعثه والده مع أخيه عبد الإله بن سالم البيحاني إلى حضرموت وعلى وجه التحديد إلى تريم وتتلمذ على يد مشائخها وعلمائها ومنهم أستاذه عبد الله بن عمر المشاطري ، وبعد أن أخذ عنهم وتزود من علومهم عاد إلى وطنهبيحان ومكث بها حوالي سنين علم وحاضر وأفاد واستفاد ، نصحه والده بالنزوح إلى عدن ووصل إلى عدن واستقر في الشيخ عثمان ، وبها تأهل والتقى شيخه وأستاذه ،\"العالم الجليل حامل لواء السنة وقامع البدعة الشيخ احمد بن محمد العبادي واخذ عنه وتزود منه وأعجب كل منهم بالآخر وتوقع العبادي أن يكون للبيحاني شأن عظيم في المستقبل القريب ، وصدق ما قاله العبادي عن البيحاني ، وقيض الله سبحانه للبيحاني فرصة وهيأله أسباب السفر إلى مصر وفي القاهرة انضم الشيخ محمد البيحاني إلى الأزهر الشريف ومن نمير الأزهر نهل وعلى فساعدته حافظيته على البروز ، وظل يدرس فيه حتى نال الشهادة الأهلية ثم العالمية ، والتحق بعدهما بكلية الشريعة ولكن ظروفه لم تسمح له بالمكوث بكلية الشريعة سوى عام وبضع العام عاد بعدها إلى الشيخ عثمان .
ولا يفوتني بهذه العجالة أن أشير إلى أنه التقى في الأزهر الشريف بالشيخين الفاضلين الزبيري والنعمان وتوثقت عرى المحبة والصداقة بينهم وكان لهم شأن في حركة الإصلاح اليمنية .
وفي الشيخ عثمان تمت الإتصالات بينه وبين كثيرين من أعيان عدن كريتر منهم الشيخ عمر بن احمد بازرعه وأخيه سعيد بن احمد عمر بازرعه والشيخ على محمد ذيبان والشيخ محمد عوض باوزير رحمهم الله جميعاً وغيرهم رأوا الحاجة ماسة إليه ليتولى الإمامة والخطابة والتدريس في مسجد العسقلاني فقبل .


في عدن كريتر:



وصل شيخنا رحمه الله تعالى إلى عدن كريتر في بداية الأربعينات من القرن العشرين وسكَّنوه في بيت من بيوت الوقف في حارة القاضي ، وتردد عليه كثيرون ممن عرفوه ومن الزوار الجدد الذين سمعوا عليه أو استمعوا إله من على منبر العسقلاني في خطبتي الجمعة أو من دروسه في المسجد وكل يوم يزداد زواره ويتناقشون في أمور كثيرة فهاله ما يرى ويسمع من جهل مفزع ، وفقر مدقع ، ومرض مفجع ، ويالها من أدواء خطيرة تمخر في المجتمع ثالوث مخيف جهل وفقر ومرض ، فانبرى لمحاربة ذلك في دروسه ومحاضراته وندواته وكتاباته وخطبه وأحاديثه الإذاعية رافعاً لواء السنة عالياً وقامعاً البدع والخرافات والأوهام مردداً قول حسان :
وخير أمور الدين ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع
مأخوذاً من قوله صلى الله عليه وسلم كما هو في الصحيحين عن عائشة \" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فأحبه مريدوه ومحبوه والتفوا حوله معجبين بفصاحته وبلاغته وصراحته في الحق لا يخشى في الله لومه لائم ، وكان مسجد العسقلاني يمتلئ يوم الجمعة بالمصلين ويفترشون الأرضية مما جعله يفكر في توسعة المسجد وبنائه من جديد ، فأخذ يحث على جمع التبرعات وانبرى الناس بدفع تبرعاتهم وفي حوالي 1948م هدم المسجد ، ومع بداية الخمسينات افتتح جامع العسقلاني بعد تجديد بنائه وعمل له سكن في مؤخرته وانتقل إليه وانطلقت من على منبره دعوه شيخنا – يرحمه الله – الإصلاحية وبها انطلق صوت الحق عالياً بخطابته ودروسه والحلقات المسجدية ثم فكر بالهدف المنشود وهو فتح معهد للدراسات الإسلامية للقضاء على التخلف الرهيب من جهة ومن جهة أخرى ليجد كل محروم ممنوع عن الدراسة في المدارس الحكومية مقعداً له بالمعهد العلمي الإسلامي فأخذ يشرح فكرته للأعيان والوجهاء من إخوانه المحبين فاعجبوا بها وشجعوه على المضي قدماً في رسالته فأسس الجمعية الإسلامية للتربية والتعليم(1) التي كانت نواة للمعهد ثم أخذ في المحاضرات والندوات والدروس والكتابة الصحفية والخطب المنبرية يشرح فكرته في المعهد والحاجة الماسة اليه فارتاح الجميع للفكرة ثم فتحت أبواب التبرعات وجمع المال من اليمن شماله وجنوبه حينها ، ولما كان الهدف سامياً وكبيراً فقد سافر الى دول الخليج والى مصر وغيرها وجمعت تبرعات سخية ثم حددوا المكان وعملت الرسومات وعلى اسم الله بدأ بناء المعهد العلمي الإسلامي ، و في عام 1956م تقريباً فتح المعهد العلمي وفي حفل الافتتاح قال الشيخ في كلمته :

وهاهنا المعهد العلمي نفتحه كأنه الأزهر الباقي على الزمن

ثم بدأت تسجيلات الطلاب في المراحل الثلاث ابتدائي ومتوسط وثانوي كما بدأت الدراسة فيه صباحاً ومساءً وسارت الدراسة فيه سيراً حسناً وبحسب الخطة المرسومة له بأنها مسيرة للعلم والهدى والنور وتخرجت الكتائب المتسلحة بالعلم والإيمان ، وفي عام 1970م بدأت السجون وبدأ القمع والإرهاب فسافر شيخنا الى تعز ونزل ضيفاً كريماً على بيت الحاج هائل سعيد انعم وفي عام 1971م أمم الماركسيون المعهد وتوقفت مسيرته مسيرة العلم والهدى والنور وتعطلت الدراسة وحزن شيخنا على جهوده الجبارة وعلى المعهد الذي عبث به العابثون ولم يمض عام أي في 1972م انتقل رحمه الله الى جوار ربه وشيع في موكب جنائزي مهيب الى مثواه الأخير في جامع المظفر بتعز رحمه الله رحمة الأبرار .
بقي أن أشيد بدائرة الإعلام والثقافة من دوائر الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح على تخليد هؤلاء الرجال العاملين المخلصين والحمد لله رب العالمين .


بقلم الشيخ / محمد عبد الرب جابر
إيضاح :

1) يقولون : بالمثال يتضح المقال ، لذلك ستجد أيها القارئ كثيراً من الأمثلة التي أذكرها كشواهد وأمثلة انتقيت معظمها من شعر البيحاني لأنه كان غزير الإنتاج الشعري وإن كان أقل من إنتاجه الأدبي في النثر ولأن الشعر أكثر عذوبه ، وأعظم قدره على شد المشاعر وأكبر جاذبية للإنتباه من النثر ، وهذا بشكل عام ، فكيف إذا كان الشعر لرجل كالبيحاني فإنه يزداد حسناً وجمالاً وروعة .
ومع ذلك فإن كل شاهد أو مثال من الشعر ذكرته، له من أمثاله الكثير في "نثر البيحاني\".
2) والشواهد تلك كنت أنتقيها إنتقاء مما أحسب أنه الأجود ، وراعيت في أثناء ذلك الإختصار والإيجاز ، خوفاً من الإطالة وابتعاداً عما يمكن أن يؤدي للملل لدى القارئ.


البطاقة الشخصية

لن يجد أحد في البطاقة الشخصية لأي عظيم أو عبقري أو نابغة شيئاً جديداً يختلف فيه عن بقية الناس ، فهو هنا في هذا المقام يستوي مع غيره من البشر ، ولا يكون بدعاً بينهم .
ولكن مفترق الطرق بين العبقري والإنسان العادي هو فيما يحمله ذلك العبقري من أفكار وأراء ناضجة في القمة ، وما يصدر عنه من أعمال إبداعية رائعة تختصر بها المسافات ، وتقرب من الأهداف وتوفر الجهود ، وتخفف من التضحيات الجسيمة ، وفيما يبذله ذلك الرائد من جهود وأعمال تستقيم عليها حياة الناس لأنه ينطلق من قيود زمانه ومكانه متحرراً ، ويحلق نحو أجواء وعوالم جديدة يرتادها من أجل إسعاد الأخرين
ومع ذلك فإن النفوس الإنسانية قد جبلت على حب الإستطلاع فهي لا تفتأ تطالب وتتطلع نحو المجهول لتعرفه ، وهذا يستدعي – دائماً – ذكر البطاقة الشخصية لأي إنسان يترجم له .
و""البيحاني"" موضوع هذه الترجمة .
هاهي بطاقته الشخصية والتي هي عبارة عن سرد سريع موجز لأهم مفاصل حياته وسيرته :
- هو محمد بن سالم بن حسين الكدادي البيحاني .
- ولد في مدينة "القصاب" مديرية "بيحان" محافظة"شبوة\" عام 1326 هـ الموافق 1908م.
- كف بصره تماماً وهو في السنه الخامسة من عمره .
- بدأ الدراسة مبكراً على يد والده "سالم الكدادي" وكان عالماً فقيهاً فلكياً متعبداً .
- رحل إلى "حضرموت" وهناك تتلمذ على يدي ثله من الشيوخ وكان أبرزهم وأشهرهم أستاذه الكبير الشيخ / عبد الله بن عمر الشاطري .
- ثم عاد إلى منطقته ومكث فيها نحو سنتين .
- ثم إرتحل إلى مدينة "الشيخ عثمان" ، في مديرية "عدن" وتأهل فيها وأخذ عن بعض شيوخها وكان أبرزهم وأشهرهم وأكبرهم هو الشيخ / أحمد محمد العبادي ، وعنه أخذ علماً كثيراً غزيراً .
- وقد بلغني مشافهة عن طريق بعض المعاصرين للبيحاني بأنه درس صحيح البخاري على يد الشيخ العلامة عبد الله اليدومي في "تعز .
- ثم رحل إلى "مصر" وهناك التحق بالأزهر الشريف وظل يدرس فيه حتى نال شهادتي "الأهلية" و"العالمية" .
- ثم عاد إلى "عدن "واستقر في "الشيخ عثمان" ثم في "كريتر" إلى آخر عمره بقليل..
- ثم اضطره النظام السياسي الذي سيطر على مقاليد البلاد واستبد بامورها في "الشطر الجنوبي" سابقاً لأن يفر وينجو بجلده إلى "تعز\" في سنة 1971م تقريباً.
- توفي في 24 / 12 / 1391 هـ الموافق 10 / 2 / 1972 م في مدينة تعز، ودفن مجاوراً لاكبر مساجدها وهو "مسجد المظفر" .
- كانت له زوجتان ولم يخلف شيئاً من الولد "لا ذكور ولا إناث " .


موجز سجل أهم أعماله :
* كان إماماً وخطيباً لمسجد "العسقلاني" في كريتر عدن .
* أسس الجمعية الإسلامية للتربية والتعليم مع غيره من رجالات اليمن واختير رئيساً لها.
* وعن طريق تلك الجمعية أسس كثيراً من الصروح العلمية والتربوية والدعوية كالمساجد والمعاهد والمدارس فيما كان يسمى بالشطر الجنوبي من اليمن .
* زار عدداً من البلدان العربية "زيارات عمل " .
* كان له دور كبير في الحركات السياسية الإصلاحية في عموم اليمن الطبيعية .
ترك بعد موته ارثاً ثقافياً وعلمياً وأدبياً كبيراً .

موطن الميلاد والطفولة الأولى
إنحدر "البيحاني" من أسرة علمية عريقة،استوطنت منطقة "بيحان" في محافظة "شبوه" وفيها ترعرع ونشأ في طفولته المبكرة .
وأهل المنطقة كغالب أهل اليمن يتميزون بالفهم لحياة البساطة وتعودهم على خشونة العيش وتربوا منذ نعومة أظافرهم على حب مظاهر الفروسية.
وكان وما يزال للقبيلة بروابطها وعلاقاتها وتقاليدها حضور قوي مؤثر بينهم .
والنزوع إلى التدين هو الصفة الغالبة عليهم . فبالرغم مما شابه اليوم وخالطه من جهل وشوائب أضعفته كثيراً ، وأدت إلى اختفائه ظاهرياً ، لكن الجذوة الإيمانية ما تزال تتوهج تحت الرماد .
وكعادة أهل اليمن منذ القدم فهم مغرمون بالهجرة إرادة للجهاد في سبيل الله تعالى ، أو طلباً للرزق ، أو البحث عن حياة أفضل ، وفرص للعيش أمثل أو نحو ذلك من الأسباب المطلوبة ، وهذه السمة ما تزال إلى اليوم تدمغ حياة اليمنيين جميعاً بما فيهم أهل "شبوه" .
وقد لا يعلم الكثير أن قبيلة "جعفي" التي انتسب لها ولاءً الإمام أبو عبد الله البخاري صاحب الجامع الصحيح إنما هي قبيلة يمانية مهاجرة من منطقة "شبوه" وقد أسلم جد الإمام البخاري على يد وإلى "بخارى" الذي كان من قبيلة "جعفي" هذه.


عصر البيحاني :


من المهم عند ترجمة أي شخصية أن تعرف الظروف والأحوال التي عاش فيها لأن من خلالها تتضح الصورة المتكاملة عن تلك الشخصية ، وما قدمته من إنجازات وأعمال ومشاريع ، كما أن ذلك يجيب على الكيفية التي قدم بها كل ذلك ولماذا كان بذلك الشكل ؟ ولأنه ما من إنسان قط إلا وهو يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه يؤثر فيه سلباً وإيجاباً وبحسب قوة أو ضعف المحيط وبحسب القابلية لدى الشخص وخلفياته .
وقد عاش البيحاني في الفترة الممتدة من 1326 إلى 1393 هـ الموافق 1908 – 1973 م ، وفي ذلك الوقت شهد العالم تقلبات سياسية عنيفة وأحداث شديدة ، ففيها قامت حربان عالميتان الأولى 1914 – 1918م والثانية \"1937 – 1945 م \" ولا يهمنا هنا سرد أخبارهما وتداعياتهما ، ولكن الذي يهمنا هو ما ترتب عليهما من نتائج وآثار خطيرة ، وما خلفتهما من معاناه والآم ومشاكل ومحن وخطوب وأزمات اثقلت كواهل البشرية ، وعمت جنبات العالم كله بما فيه العالم الإسلامي الذي ناله من ذلك كله نصيب الأسد .

الـعـريـفـي
28-08-2010, 07:32 PM
ينقل الى منتدى المواضيع المكرره

وهذا رابط الموضوع السابق

http://www.almosaabi.com/vb/showthread.php?t=18696&highlight=%E3%CD%E3%CF+%D3%C7%E1%E3+%C7%E1%C8%ED%C D%C7%E4%ED